فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمۡ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلۡمُنذَرِينَ} (177)

{ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ } : إذا نزل عذاب الله لهم بفنائهم والساحة في اللغة فناء الدار الواسع الخالي من الأبنية وجمعها سوح ، قال الفراء : نزل بهم ، نزل بساحتهم سواء ؛ قال الزجاج : وكان عذاب هؤلاء بالقتل ، قيل : المراد به نزول رسول الله صلى الله عليه وسلم بساحتهم يوم فتح مكة شبه العذاب بجيش هجم عليهم ؛ فأناخ بفنائهم بغتة وهم في ديارهم . ففي الضمير المستتر في نزل استعارة بالكناية والنزول تخييل . قرأ الجمهور : نزل مبنيا للفاعل . وقرئ : مبنيا للمفعول والجار والمجرور قائم مقام الفاعل .

{ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ } أي : بئس صباح الذين أنذروا بالعذاب ، والمخصوص بالذم محذوف ، أي صباحهم وخص الصباح بالذكر لأن العذاب كان يأتيهم فيه وإن وقع في وقت آخر ، وفي التعبير بالمنذرين إقامة الظاهر مقام المضمر واللام للجنس لا للعهد فإن أفعال الذم والمدح تقتضي الشيوع للإبهام والتفصيل فلا يجوز أن تقول : بئس الرجل هذا ونعم الرجل هذا إذا أردت رجلا بعينه .

أخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن أنس قال : ( صبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر وقد خرجوا بالمساحي فلما نظروا إليه قالوا : محمد والخميس ، فقال : الله أكبر خرجت خيبر إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين ) الحديث .