اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{أَفَمَا نَحۡنُ بِمَيِّتِينَ} (58)

وقال : { أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ } قال بعضهم : إن أهل الجنة لا يعلمون في أول دخولهم الجنة أنهم لا يموتون فإذا جيء بالموت على صورة كَبْشٍ أمْلَحَ وذُبحَ يقول أهل الجنة للملائكة : «أَفَمَا نَحْنُ بِمَيِّتِينَ » ؟ فتقول الملائكة : لا . فعند ذلك يعلمون أنهم لا يموتون . وعلى هذا فالكلام حصل قبل ذبح الموت{[47090]} . وقيل : إن الذي تكاملت سعادته إذا عظم تعجُّبُهُ بها يقول ذلك . والمعنى أهذا لي على جهة الحديث بنعمة الله عليه{[47091]} ، وقيل : يقوله المؤمن لقرينِهِ توبيخاً له بما كان ينكره . {[47092]}

قوله : { بِمَيِّتِينَ } قرأ زيدٌ بنُ علي بمَائِتين{[47093]} ، وهما مثل ضَيِّق ، وضاَئِق كما تقدم{[47094]} ، وقوله «أَفَمَا » فيه الخلاف المشهور ، فقدَّره الزمخشري أَنَحْنُ مُخَلَّدُونَ مُنَعَّمُونَ فما نحن بميتين{[47095]} ، وغيره يجعل الهمزة متقدمة على الفاء .


[47090]:ذكره الكلبي. وانظر: تفسير العلامة ابن الجوزي 7/60، 61.
[47091]:السابق.
[47092]:السابق: ونسب هذا القول إلى الثعلبي.
[47093]:هذه القراءة نسبها أبو حيان في البحر 7/362 ولم ينسبها الزمخشري كعادته في الكشاف انظر: الكشاف 3/341 وانظر: الدر المصون 4/556.
[47094]:من قوله تعالى: {فلعلك تارك بعض ما يوحى إليك وضائق به صدرك} [هود: 12] وهي من القراءات الشاذة أقصد قوله: "بمائتين".
[47095]:الكشاف 3/341 فهو ومن تبعه يقدرون محذوفا حتى يقولوا إن الهمزة في موضعها الأصلي فلم تتقدم على حرف العطف. وهذا غير مذهب سيبويه والجمهور الذين يقولون: إنها تتقدم على العاطف تنبيها على أصالتها في التصدير. (بتصرف من المغني 15، 16).