قوله : { إِنَّ الذين ارتدوا على أَدْبَارِهِمْ } رجَعُوا كفاراً { مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهدى } قال قتادة : هم كفار أهل الكتاب كفروا بمحمدٍ صلى الله عليه وسلم بعدما عرفوه ووجدوا نعتَه في كتابهم . وقال ابن عباس والضحاك والسدي : هم المنافقون{[51468]} .
قوله : { الشيطان سَوَّلَ لَهُمْ } أي زين لهم القبيحَ . وهذه الجملة خبر : { إِنَّ الذين ارتدوا على أَدْبَارِهِمْ }{[51469]} وتقدم الكلام على سَوَّلَ معنًى واشتقاقاً . وقال الزمخشري هنا : وقد اشتقه من السَّؤلِ من لا عِلْمَ له بالتصريفِ والاشتقاق جميعاً{[51470]} . قال شهاب الدين : كأنه يشير إلى ما قاله ابْنُ بَحْر{[51471]} من أن المعنى أعطاهم سُؤْلَهُمْ . ووجه الغلط فيه أن مادة السّول من السؤال بالهمز ومادة هذا بالواو فافْتَرَقَا ، فلو كان على ما قيل لقيل سأَّل بتشديد الهمزة لا بالواو . وفيما قال الزمخشري نظر ؛ لأن السؤال له مادتان سأل بالهمزة وسال بالألف المنقلبة من واو . وعليه قراءة{[51472]} : «سَالَ سَائِلٌ » وقوله :
4479 سَأَلَتْ هُذَيْلٌ رَسُولَ اللهِ فَاحِشَةً *** ضَلَّتُ هُذَيْلٌ بِمَا سَالَتْ وَلَمْ تُصِبِ{[51473]}
وقد تقدم هذا في البقرة مستوفًى{[51474]} .
قوله : { وأملى لَهُمْ } العامة على أملي مبنياً للفاعل وهو ضمير الشيطان . وقيل : هو للباري تَعَالى . قال أبو البقاء : على الأول : يكون معطوفاً على الخبر . وعلى الثاني : يكون مستأنفاً{[51475]} . ولا يلزم ماقاله بل هو معطوف على الخبر في كلا التقديرين أخبر عنهم بهَذَا وبهَذَا .
وقرأ أبو عمرو في آخرين أُمْلِيَ{[51476]} مبنياً للمفعول . والقائم مقام الفاعل الجار .
وقيل : القائم مقامه ضمير الشيطان ذكره أبو البقاء{[51477]} . وقرأ يعقوبُ وسلاَّمٌ ومجاهد وأُمْلِي بضم الهمزة وكسر اللام وسكون الياء فاحتمل وجهين :
أحدهما : أن يكون مضارعاً مسنداً لضمير المتكلم أي وأملي{[51478]} أنا لهم ، وأن يكون ماضياً كقراءة أبي عمرو سكنت ياؤه تخفيفاً{[51479]} وقد مضى منه جملة .
قال المفسرون : سَوَّلَ لَهُمْ سَهَّل لهم . وأَمْلَى لهم أي مد لهم فِي الأمل يعني قالوا : نعيش أياماً ثم نؤمن به وهو معنى قوله : { وأملى لَهُمْ } .
فإن قيل : الإِملاء والإِمهال وَحَدُّ الآجال لا يكون إِلا من الله فكيف يصح قراءة من قرأ : وأملى لهم فإن المملي حينئذ هو الشيطان ؟ .
قال الخطيب : فالجواب من وجهين :
أحدهما : يجوز أن يكون المراد " وأملي لهم الله " فيقف{[51480]} على : " سول لهم " .
وثانيهما : هو أن المسوِّل أيضاً ليس هو الشيطان وإنما أسند إليه من حيث إن الله قدر على يده ولسانه ذلك ، فكذلك الشيطان يمسهم{[51481]} ويقول لهم : في آجالكم فَسْحَةٌ فتمتعوا برئاستكم ثم في آخر العمر تؤمنون{[51482]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.