اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (68)

لمَّا أمره الله بالتَّبْلِيغ فقال : قل يا أهْلَ الكِتَابِ من اليَهُود والنَّصَارى لَسْتُمْ على شَيْءٍ من الدِّين ، ولا في أيْدِيكم شَيْءٌ من الحقِّ والصَّوَاب ، كما تقول : هذا لَيْسَ بِشَيْءٍ ، إذا أرَدْتَ تَحْقِيره .

وقوله تعالى : { حَتَّى تُقِيمُواْ التَّوْرَاةَ وَالإِنْجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِّنْهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ طُغْيَاناً وَكُفْراً } ، وقد تقدَّم الكلام على نظيرِه ، والتَّكْريرُ للتَّأكيد .

وقوله : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ } فيه وجهان :

أحدهما : لا تأسَفْ عليهم بسبب طغيانهم وكُفْرِهم ، فإنَّ ضرر ذلك راجعٌ إليهم ، لا إلَيْكَ ولا إلى المُؤمنين .

والثاني : لا تأسَفْ بسبب نُزُولِ اللَّعْن والعذابِ عليهم فإنَّهُمْ من الكَافِرِين المُسْتَحِقِّين لِذَلك .

وروى ابنُ عبَّاسٍ - رضي الله تعالى عنهما - " أنَّ جماعَةً مِنَ اليَهُود قالوا : يا مُحَمَّد ألَسْتَ تُقِرُّ أنَّ التَّوْرَاة حَقٌّ مِنْ عند اللَّهِ تَعَالى ؟ قال : بلى ، قالُوا : فإنَّا مُؤمِنُون بها ، ولا نُؤمِن بِغَيْرها " ، فنَزَلَتْ هذه الآية{[12303]} .


[12303]:أخرجه الطبري في "تفسيره"(4/649) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (2/531) عن ابن عباس وزاد نسبته لابن إسحاق وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبي الشيخ.