فتح الرحمن في تفسير القرآن لتعيلب - تعيلب  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (68)

{ قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم } هذا أمر من الله الحكيم أن نبصر اليهود والنصارى بأنهم ليسوا على شيء يعتد به من الدين حتى يعملوا بما في التوراة والإنجيل والقرآن ، ويؤمنوا بذلك ، ويقروا ويصدقوا بأن ذلك كله من وحي العزيز الحكيم ، لئلا تكذبوا بشيء منه ، ( ولا تفرقوا بين رسل الله فتؤمنوا ببعض وتكفروا ببعض ، فإن الكفر بواحد من ذلك كفر بجميعه ، لأن كتب الله يصدق بعضها بعضا ، فمن كذب ببعضها فقد كذب بجميعها ) ( {[1826]} ) ؛ { وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين } اللام موطئة للقسم ؛ والطغيان : تجاوز الحد ، والكفر : الجحود وعدم التصديق ؛ والأسى : التأسف والحزن ؛ ينبئنا العليم الخبير أن أكثر الضالين المكذبين لا يهتدي بالقرآن الحكيم ولا يستنير بنوره ، بل في آذانهم وقر وهو عليهم عمى ؛ وصدق الله العظيم : ( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا ) ( {[1827]} ) .


[1826]:روى ابن جرير عن ابن عباس قال: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم رافعُ بن حارثة، وسلامُ بن مسكين، ومالك بن الصيف، ورافعُ بن حرملة فقالوا: يا محمد ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه وتؤمن بما عندنا من التوراة وتشهد أنها من الله حق ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" بلى ولكنكم أحدثتم وجحدتم ما فيها مما أخذ عليكم من الميثاق وكتمتم منها ما أمرتم أن تبينوه للناس وأنا بريء من أحداثكم"، قالوا: فإنا نأخذ بما في أيدينا فإنا على الحق والهدى، ولا نؤمن بك ولا نتبعك؛ فأنزل الله:{ قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا فلا تأس على القوم الكافرين}. وأورد صاحب الجامع لأحكام القرآن:{ فلا تأس على القوم الكافرين} أي لا تحزن عليهم،.. وهذه تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم، وليس بنهي عن الحزن؛ لأنه لا يقدر عليه ولكنه تسلية ونهي عن التعرض للحزن. ا هـ.
[1827]:سورة الإسراء. الآية 82.