فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (68)

قوله : { على شَيء } فيه تحقير وتقليل لما هم عليه ، أي لستم على شيء يعتدّ به حتى تقيموا التوراة والإنجيل ، أي تعملوا بما فيهما من أوامر الله ونواهيه التي من جملتها أمركم باتباع محمد صلى الله عليه وسلم ، ونهيكم عن مخالفته . قال أبو عليّ الفارسي : ويجوز أن يكون ذلك قبل النسخ لهما . قوله : { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مّن رَبّكُمْ } قيل : هو القرآن ، فإن إقامة الكتابين لا تصح بغير إقامته ، ويجوز أن يكون المراد ما أنزل إليهم على لسان الأنبياء من غير الكتابين . قوله : { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً منْهُم مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبّكَ طغيانا وَكُفْراً } أي كفراً إلى كفرهم وطغياناً إلى طغيانهم ، والمراد بالكثير منهم من لم يسلم ، واستمرّ على المعاندة ؛ وقيل المراد به العلماء منهم ، وتصدير هذه الجملة بالقسم لتأكيد مضمونها ، قوله : { فَلاَ تَأْسَ عَلَى القوم الكافرين } أي دع عنك التأسف على هؤلاء ، فإن ضرر ذلك راجع إليهم ونازل بهم ، وفي المتبعين لك من المؤمنين غنى لك عنهم .

/خ75