ولما أمر سبحانه بالتبليغ العام{[26977]} ، أمره بنوع منه على وجه يؤكد ما ختمت به آية التبليغ من عدم الهداية لمن حتم بكفره{[26978]} ، ويبطل{[26979]} - مع تأكيده - هذه الدعوى : قولهم : نحن أبناء الله{[26980]} وأحباؤه{[26981]} ، فقال مرهباً لهم بعد ما تقدم من الترغيب في إقامته : { قل يا أهل الكتاب } أي من اليهود والنصارى { لستم على شيء } أي{[26982]} سارّ أو{[26983]} يعتد به من دنيا ولا آخرة ، لأنه لعدم نفعه لبطلانه لا يسمى شيئاً أصلاً { حتى تقيموا } أي بالعمل بالقلب والقالب { التوراة والإنجيل } وما{[26984]} فيهما من{[26985]} الإيمان بعيسى ثم بمحمد عليهما الصلاة والسلام بالإشارة إلى كل منهما بالخصوص بنحو ما تقدم في{[26986]} الإشراق من{[26987]} ساعير والظهور من فاران ، و{[26988]} بالإشارة بالعموم إلى تصديق كل من أتى بالمعجز ، وصدق ما قبله من منهاج الرسل { وما أنزل } .
ولما كان ما عندهم إنما أوتي إليهم بواسطة الأنبياء ، عداه بحرف الغاية فقال : { إليكم من ربكم } أي المحسن إليكم بإنزاله على ألسنة أنبيائكم من البشارة بهما ، وعلى لسان هذا النبي العربي{[26989]} الكريم مما يصدق ما قبله ، فإنهم يعلمون ذلك ولكنهم يجحدونه .
ولما كان السياق لأن أكثرهم هالك ، صرح به دالاً بالعطف على غير معطوف عليه أن التقدير : فليؤمنن به من أراد الله منهم ، فقال : { وليزيدن كثيراً منهم } أي ما عندهم من الكفر بما في كتابهم { مآ أنزل إليك من ربك } المحسن إليك بإنزاله { طغياناً } تجاوزاً شديداً للحد { وكفراً } أي ستراً لما دل عليه العقل .
ولما كان صلى الله عليه وسلم شديد الشفقة على خلق الله ، سلاّه في ذلك بقوله : { فلا } أي فتسبب عن إعلام الله لك بذلك قبل وقوعه ثم عن وقوعه{[26990]} كما أخبر أن تعلم أنه{[26991]} بإرادته وقدرته ، فقال{[26992]} لك : لا { تأس } أي تحزن { على القوم الكافرين } أي على فوات العريقين في الكفر لأنهم لم يضروا إلاّ أنفسهم لأن ربك العليم القدير لو علم فيهم خيراً لأقبل بهم إليك ، والحاصل أنه ختم هذه الآية بمعلول الآية التي قبلها ، {[26993]} فكأنه قيل : بلغ{[26994]} ، فإن الله هو الهادي المضل ، فلا تحزن على من أدبر .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.