تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (68)

وقوله تعالى : { قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل } لابتداء الكلام بمثل هذا لا عن قول أو دعوى تسبق ، وليس في الآية بيان ما كان ادعوا أنهم على دين الله وعلى ولايته ، أو ما قالوا : { نحن أبناء الله وأحباؤه } [ الآية : 18 ] أو [ ما ] قالوا : { لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى } [ البقرة : 111 ] أو نحو ذلك من أمانيهم ودعاواهم التي ادعوا لأنفسهم . فقال لرسوله : { قل } لهم { لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليكم من ربكم } .

قال الحسن : قوله تعالى : { حتى تقيموا التوراة والإنجيل } أي حتى تقيموا ما حرفتم ، وغيرتم من التوراة والإنجيل ، وبدلتم وتستووا على ما أنزل ، وتؤمنوا به . وقال غيره : قوله تعالى : { حتى تقيموا التوراة والإنجيل } بالشهادة والتصديق لما فيهما .

وعن ابن عباس رضي الله عنه [ أنه قال ] : { حتى تقيموا التوراة والإنجيل } حتى تعلموا بما في التوراة والإنجيل من صفة محمد ونعته ونبوته صلى الله عليهم وسلم وتبينوه للناس ، ولا تكتموه . وما ذكرنا واحد .

[ وقوله تعالى ] : { وما أنزل إليكم من ربكم } من كتب أنبيائكم ، وحتى تقيموا أيضا ما أنزل من الكتب كتب الرسل أجمع . لأن الإيمان ببعض الرسل وببعض الكتب ، والكفر ببعض لا ينفع حتى يؤمن بالرسل كلهم وبالكتب جملة .

وقوله تعالى : { وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا } قد ذكرنا . وقال بعضهم : { وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك } القرآن من أمر الرجم والقصاص { طغيانا وكفرا } .

وقال بعضهم : { لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل } هو [ ما ] أمر الله نبيه [ صلى الله عليه وسلم ] أن يبلغ ما أنزل عليه بقوله : { وبلغ ما أنزل إليك من ربك } [ الآية : 67 ] .

وقوله تعالى : { فلا تأس على القوم الكافرين } أي لا تحزن على كفرهم كقوله تعالى : { لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين } [ الشعراء : 3 ] ونحو قوله تعالى /134-أ/ : { فلا تذهب نفسك عليهم حسرات } [ فاطر : 8 ] .