بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{قُلۡ يَـٰٓأَهۡلَ ٱلۡكِتَٰبِ لَسۡتُمۡ عَلَىٰ شَيۡءٍ حَتَّىٰ تُقِيمُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُمۡۗ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرٗا مِّنۡهُم مَّآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَ طُغۡيَٰنٗا وَكُفۡرٗاۖ فَلَا تَأۡسَ عَلَى ٱلۡقَوۡمِ ٱلۡكَٰفِرِينَ} (68)

ثم علّمه كيف يبلغ الرسالة فقال : { قُلْ يا أهل الكتاب لَسْتُمْ على شَيْء } من الدين ولا ثواب لأعمالكم { حتى تُقِيمُواْ التوراة والإنجيل } يعني : تعملوا بما في التوراة ، والإنجيل { وَمَا أُنزِلَ إِلَيْكُمْ مّن رَّبّكُمْ } يعني : حتى تقروا بما أنزل على نبيكم صلى الله عليه وسلم من القرآن ، وتعملوا به .

ثم قال : { وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مّنْهُم مَّا أُنزِلَ إِلَيْكَ } من القرآن { مِن رَّبّكَ طغيانا وَكُفْراً } يعني : تمادياً بالمعصية ، وكفراً بالقرآن .

يعني : إنما عليك تبليغ الرسالة والموعظة ، فإن لم ينفعهم ذلك فليس عليك شيء . { فَلاَ تَأْسَ عَلَى القوم الكافرين } يعني : لا تحزن عليهم إن كذبوك .

وروى محمد بن إسحاق بإسناده عن ابن عباس أنه قال : جاء رافع بن حارثة ، وسلام بن مشكم ، ومالك بن الضيف ، وقالوا : يا محمد : ألست تزعم أنك على ملة إبراهيم ودينه ؟ وتؤمن بما عندنا من التوراة ؟ وتشهد أنها من الله حق ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « بَلَى ولكنكم أَحْدَثْتُمْ ، وَجَحَدْتُمْ ما فِيهَا مِمَّا أُخِذَ عَلَيْكُمْ مِنَ المِيثَاقِ ، وَكَتَمْتُمْ مِنْهَا مَا أُمِرْتُمْ أَنْ تُبَيِّنُوهُ لِلنَّاسِ فَبَرِئْتُ مِنْ إحْدَاثِكُمْ » فقالوا : فإنّا قد آمنا بما في أيدينا ، وإنا على الهدى والحق ، ولا نؤمن بك ، فنزل { قُلْ يا أهل الكتاب لَسْتُمْ على شَيْء حتى تُقِيمُواْ التوراة والإنجيل } .