اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{تَبۡصِرَةٗ وَذِكۡرَىٰ لِكُلِّ عَبۡدٖ مُّنِيبٖ} (8)

قوله : «تَبْصِرَةً » العامة على نصيبها على المفعول من أجله{[52303]} أي تبصير أمثالهم وتذكير أمثالهم . وقيل : منصوبان بفعل من لفظهما مقدر أي بَصِّرْهُم تبصرةً وذكِّرهم تذكرةً{[52304]} . وقيل : حالان أي مُبَصَّرين مُذَكَّرِينَ ، وقيل : حال من المفعول أي ذات تبصير وتذكير لمن يراها{[52305]} . وزيد بن علي بالرفع . وقرأ : وذِكْرٌ أي هي : تبصرةٌ وذكرٌ{[52306]} و«لِكُلِّ » إما صفة وإما متعلق بنفس المصدر . وقال البغوي : تَبَصُّراً{[52307]} وتَذْكِيراً .

فصل

قال ابن الخطيب : يحتمل أن يكون الأمْران عائدين إلى السماء والأرض أي خَلَقَ السماء تبصرةً وخلق الأرض ذكْرى . ويدل على ذلك أن السماء زينتها مستمرة غير مستجدّة في كل عام ، فهي كالشيء المرئي على مرور الزمان . وأما الأرض فهي كل سنة تأخذ زخرفها فتُذَكِّر ، فالسماء تبصرة والأرْض تذكرة ، ويحتمل أن يكون كل واحد من الأمرين موجوداً في كلّ واحد من الأمرين فالسماء تبصرة وتذكرة والأرض كذلك والفرق بين التبصرة والتذكرة هو أن فيها آيات مستمرة منصوبة في مقابلة البصائر وآيات متجددة متذكرة{[52308]} عند التَّنَاسِي .

قوله : { لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } أي لتُبصِّرَ وتُذَكِّر كل عبد منيب : أي راجع التفكر والتذكّر والنظر في الدلائل .


[52303]:نقله القرطبي في المرجع السابق عن أبي حاتم.
[52304]:وهو قول أبي حيان في البحر 8/121.
[52305]:وقد نقل هذه الأقوال في كتابه أبو البقاء 1173.
[52306]:أي ذلك الخلق على ذلك الوصف تبصرة فيكون لفظ تبصرة خبرا. وانظر البحر السابق وهي شاذة. وانظر أيضا الكشاف 4/4.
[52307]:في معالم التنزيل له: تبصيرا مصدر بصر لا تبصُّراً مصدر تَبَصَّر. وانظر معالم التنزيل 6/234.
[52308]:في (ب) والرازي: مذكرة.