اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَإِذۡ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوۡمِهِۦ يَٰقَوۡمِ لِمَ تُؤۡذُونَنِي وَقَد تَّعۡلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡۖ فَلَمَّا زَاغُوٓاْ أَزَاغَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُمۡۚ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (5)

قوله تعالى : { وَإِذْ قَالَ موسى لِقَوْمِهِ } الآية .

لما ذكر الجهاد ، بين أن موسى وعيسى أمرا بالتوحيد ، وجاهدا في سبيل الله ، وحل العقاب بمن خالفهما ، أي : واذكر لقومك يا محمد هذه القصة{[56414]} .

قوله : { لِمَ تُؤْذُونَنِي }وذلك حين رموه بالأدرة ، كما تقدم في سورة الأحزاب .

ومن الأذى : ما ذكر في قصة قارون أنه دس إلى امرأة تدَّعي على موسى الفجور ، ومن الأذى قولهم : { اجعل لَّنَا إلها كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ } [ الأعراف : 138 ] ، وقولهم : { فاذهب أَنتَ وَرَبُّكَ فقاتلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ }[ المائدة : 124 ] ، وقولهم : أنت قتلت هارون .

قوله : { وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ } . جملة حالية{[56415]} ، قال ابن الخطيب{[56416]} : و«قَدْ » معناه : التوكيد ، كأنه قال : وتعلمون علماً يقيناً ، لا شبهة [ لكم ]{[56417]} فيه .

قوله : { أَنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُمْ } والمعنى : أنَّ الرسول يحترم يقيناً .

قوله : { فَلَمَّا زاغوا } ، أي : مالوا عن الحق ، { أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ } أي : أمالهم عن الهدى ، وقيل : { فَلَمَّا زاغوا } عن الطاعة ، { أَزَاغَ الله قُلُوبَهُمْ } عن الهداية ، وقيل : { فَلَمَّا زاغوا } عن الإيمان ، { أزاغ الله قلوبهم } عن الثواب ، وقيل : لمَّا تركُوا ما أمرُوا به من احترام الرسول - عليه الصلاة والسلام - وطاعة الرب ، «خلق » الله في قلوبهم الضلالة عقوبة لهم على فعلهم .

{ والله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين } ، قال الزجاجُ{[56418]} : «يعني من سبق في علمه أنه فاسق » ، قال ابنُ الخطيب{[56419]} : «وهذه الآية تدلّ على عظم إيذاء الرسول ، حتى إنه يؤدّي إلى الكفر ، وزيغ القلوب عن الهدى » .


[56414]:ينظر الجامع لأحكام القرآن (18/54).
[56415]:ينظر: الدر المصون 6/310.
[56416]:التفسير الكبير (29/271).
[56417]:سقط من أ.
[56418]:ينظر: معاني القرآن 5/164.
[56419]:ينظر: التفسير الكبير 29/271.