اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡ وَيُدۡخِلۡكُمۡ جَنَّـٰتٖ تَجۡرِي مِن تَحۡتِهَا ٱلۡأَنۡهَٰرُ وَمَسَٰكِنَ طَيِّبَةٗ فِي جَنَّـٰتِ عَدۡنٖۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ} (12)

قوله : { يَغْفِرُ لَكُمْ } فيه أوجه{[56493]} :

أحدها : أنه مجزوم على جواب الخبر بمعنى الأمر ، كما تقدم .

والثاني : أنه مجزوم على جواب الاستفهام ، كما قاله الفراء{[56494]} .

الثالث : أنه مجزوم بشرط مقدر ، أي : إن تؤمنوا يغفر لكم .

قال القرطبي{[56495]} : «وأدغم بعضهم ، فقرأ{[56496]} : " يَغْفر لَكُمْ " ، والأحسن ترك الإدغام لأن الراء حرف متكرر قويّ فلا يحسن الإدغام في اللام ؛ لأن الأقوى لا يدغم في الأضعف » .

قوله : { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً } ، روى الحسنُ قال : سألت عمران بن حصينٍ وأبا هريرة عن قوله تعالى : { وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً } ، فقالا : على الخبير [ سقطت ]{[56497]} ، سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنها فقال : " قَصْرٌ مِن لُؤلُؤة في الجنَّةِ ، في ذلِكَ القصْرِ سَبْعُونَ داراً من ياقُوتةٍ حَمْراءَ ، فِي كُل دَار سَبْعُونَ بَيْتاً من زَبرْجدة خَضْراءَ ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سَبْعُونَ سَرِيراً ، عَلَى كُلِّ سَريرٍ سَبْعُونَ فِرَاشاً من كُلِّ لَوْنٍ على كُلِّ فِراشٍ سَبعُونَ امْرَأةً ، من الحُورِ العِينِ ، فِي كُلِّ بيتٍ سَبْعُونَ مَائدةً ، عَلى كُلِّ مائدةٍ سَبْعُون لوْناً من الطَّعام ، فِي كُلِّ بَيْتٍ سبعُون وصيفاً ووصيفَةً ، فيُعْطِي اللَّهُ تعالى المُؤمِنَ القُوَّة في غَدَاةٍ واحدةٍ مَا يَأتِي ذَلِكَ كُلِّهِ " {[56498]} .

قوله : { فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ }أي دار إقامة . { ذلك الفوزُ العظيمُ } أي : السعادة الدائمة الكبيرة ، وأصل الفوز الظفر بالمطلوب{[56499]} .


[56493]:ينظر: الدر المصون 6/313.
[56494]:ينظر: معاني القرآن 3/154.
[56495]:الجامع لأحكام القرآن 18/58.
[56496]:ينظر: المحرر الوجيز 5/304، قال ابن عطية:"وروي عن أبي عمرو بن العلاء أنه قرأ: "يغفلكم" بإدغام الراء في اللام، ولا يجيز ذلك سيبويه".
[56497]:سقط من أ.
[56498]:أخرجه ابن الجوزي في "الموضوعات" (3/252).
[56499]:ينظر القرطبي 18/58.