اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَٱلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسَّيِّـَٔاتِ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِهَا وَءَامَنُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٞ} (153)

قوله : { والذين عَمِلُواْ السيئات } مبتدأ وخبره قوله إنَّ ربَّكَ إلى آخره . والعائد محذوف ، والتقدير : غفورٌ لهم ورحيم بهم ، كقوله : { وَلَمَن صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الأمور } [ الشورى : 43 ] أي منه .

قوله : مِنْ بَعْدِهَا يجوز أن يعود الضمير على السّيِّئاتِ ، وهو الظاهر ، ويجوز أن يكون عائداً على التوبة المدلول عليها بقوله : " ثُمَّ تَابُوا " أي : من بعد التوبة .

قال أبو حيان : " وهذا أوْلَى ، لأنَّ الأوَّلَ يلزُم منه حذفُ مضافٍ ومعطوفه ، إذ التقدير : من بعد عمل السّيئات والتوبة منها " .

قوله : " وَآمَنُوا " يجوزُ أن تكونَ الواوُ للعطفِ ، فإن قيل : التَّوبة بعد الإيمان ، فكيف جاءت قبله ؟ فيقال الواو لا تُرتِّبُ ، ويجوز أن تكون الواوُ للحال ، أي : تَابُوا ، وقد آمنوا { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ } .