اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{فَلَمَّا عَتَوۡاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِـِٔينَ} (166)

قوله تعالى : { فَلَماَّ عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ } الآية .

قال ابنُ عباسٍ " أبَوْا أن يرجعوا عن المعصية{[16941]} " والعُتو : هو الإباء والعصيان .

فإن قيل : إذا عتوا عمَّا نُهُوا عنه فقد أطاعوا ؛ لأنَّهُم أبوا عمَّا نُهُوا عنه ، وليس المراد ذلك .

فالجواب : ليس المراد أنهم أبوا عن النهي ، بل أبوا عن امتثال ما أمروا به .

وقوله : { قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ } .

قال بعضهم ليس المراد منه القول ؛ بل المراد منه أنه تعالى فعل ذلك .

قال : وفيه دلالة على أن قوله : { إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَآ أَرَدْنَاهُ أَن نَّقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ } [ النحل : 40 ] هو بمعنى الفعل لا الكلام .

وقال الزجاج أمِرُوا بأن يكُونُوا كذلك بقول سمع ، فيكون أبلغ .

قال ابنُ الخطيب : وحمل هذا الكلام على الأمر بعيد ؛ لأنَّ المأمور بالفعل يجبُ أن يكون قادراً عليه ، والقوم ما كانوا قادرين على أن يقلبوا أنفسهم قردة .

فصل

قال ابنُ عبَّاسٍ : أصبح القوم قردةً خاسئين ؛ فمكثوا كذلك ثلاثة أيَّام تراهم النَّاس ثمَّ هلكوا{[16942]} ، ونقل عن ابن عبَّاسٍ : أن شباب القوم صاروا قردة ، والشُّيُوخ خنازير{[16943]} ، وهذا خلاف الظَّاهر .


[16941]:تقدم.
[16942]:ذكره الرازي في تفسيره (15/34) عن ابن عباس.
[16943]:أخرجه الطبري في تفسيره (6/102) وذكره الرازي في تفسيره (15/34).