تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{فَلَمَّا عَتَوۡاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنۡهُ قُلۡنَا لَهُمۡ كُونُواْ قِرَدَةً خَٰسِـِٔينَ} (166)

الآية 166 وقوله تعالى : { فلما عتوا عن ما نهوا عنه } قال أبو عوسجة : { عتوا } استكبروا ؛ يقال : عتا يعتو عتوّا ، وكأن العتوّ هو النهاية في البأس ، فلذلك قيل في قوله تعالى : { عتيّا } [ مريم : 8و69 ] بأسا . لكن سمي مرة قساوة ، ومرة استكبارا .

وقوله تعالى : { قلنا لهم كونوا قردة خاسئين } قال بعضهم : حوّلت صورتهم وجسدهم [ إلى ]{[9064]} صورة القردة ، وكانت عقولهم على حالها عقول البشر ، لم تحوّل ، ليعلموا تعذيب الله إياهم وما أصابهم بهتكهم حرم الله .

[ وقال ]{[9065]} قائلون : حوّل طباعهم [ إلى ]{[9066]} طباع القردة ، وأما الصورة والجسد [ فبقيا على حالهما ]{[9067]} ، وليس لنا إلى معرفة ذلك حاجة .

وقوله تعالى : { خاسئين } قال بعضهم : هو من خسأ الكلب ، وصار قاصيا مبعدا ، يقال : خسأته . وقال أبو عوسجة : { خاسئين } مبعدين ، وكذلك قال في قوله تعالى : { اخسئوا فيها } [ المؤمنون : 108 ] أي ابعدوا فيها ، وارجعوا فيها ؛ يقال : خسأت فلانا ، وأخسأته ، أي باعدته ، فخسأ ، أي تباعد . وقيل : الخاسئ الذليل .

وفي قوله تعالى : { وإذ قالت أمّة منهم } إلى آخر ما ذكر من القصة وجهان .

أحدهما : دليل إثبات الرسالة والنبوّة له حين{[9068]} أخبر ما كان من غير نظر له في كتبهم ولا اختلاف إلى أحد ممن له علم في ذلك . دل أنه إنما عرف بالله تعالى .

والثاني : إنباء عن عواقب الظلمة والفسقة وما حل بهم بظلمهم وانتهاكهم حرم الله ليكون ذلك به زجر لنا عن ارتكاب مثله .


[9064]:ساقطة من الأصل وم.
[9065]:من م، ساقطة من الأصل.
[9066]:ساقطة من الأصل وم.
[9067]:في الأصل وم: على حاله.
[9068]:في الأصل وم: حيث.