اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{يُسۡقَوۡنَ مِن رَّحِيقٖ مَّخۡتُومٍ} (25)

قوله تعالى : { يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ } .

قال الليث : الرَّحيقُ : الخمر{[59615]} .

وقيل : الخمر الصافية الطيبة .

وقال مقاتل : الخمر البيضاء{[59616]} .

وقال ابنُ الخطيب{[59617]} : لعله الخمر الموصوف بقوله تعالى : { لاَ فِيهَا غَوْلٌ } [ الصافات : 47 ] .

قوله : «مختوم » ، أي : ختم ومنع أن تمسَّهُ يد إلى أن يفكّ ختم الأبرار .

قال القفال{[59618]} : يحتملُ أن يكون ختم عليه تكريماً له بالصيانة على ما جرت به العادة من ختم ما يكرم ويصان ، وهناك خمر أخرى تجري أنهاراً ، لقوله : { وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ } [ محمد : 15 ] ، إلاَّ أنَّ هذا المختوم أشرف من الجاري .

وقال أبو عبيدة والمبرد والزجاج : «المختوم » : الذي له ختام أي : عاقبة .

وروى عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : المختوم أشرف من الجاري الممزوج ختامه ، أي : طعمه وعاقبته مسكٌ ، وختم كلِّ شيء : الفراغ منه ، ومنه يقال : ختمتُ القرآن ، والأعمال بخواتيمها{[59619]} ، ويؤيده قراءة علي{[59620]} بن أبي طالب - كرم الله وجهه - واختاره الكسائي ، فإنه قرأ : «خاتمةُ مِسْك » أي : آخره ، كما يقال : خاتمُ النبيين ، ومعناه واحد .

قال الفراء : وهما متقاربان في المعنى ، إلا أن الخاتم : الاسم ، والخِتَام : المصدر ، كقولهم : هو كريم الطِّباع والطَّابع ، والخِتَام والخَاتم .

وقال قتادة : يمزج لهم بالكافور ، ويختم لهم بالمسك{[59621]} .

وقال مجاهد : مختوم ، أي : مطين{[59622]} .


[59615]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/496 -497) عن ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وقتادة وابن زيد.
[59616]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/461).
[59617]:ينظر: الفخر الرازي 31/90.
[59618]:ينظر: السابق.
[59619]:ذكره القرطبي في تفسيره (19/174).
[59620]:ينظر: المحرر الوجيز 5/453، والبحر المحيط 8/434، والدر المصون 6/494.
[59621]:أخرجه الطبري في "تفسيره" (12/498) وذكره السيوطي في "الدر المنثور" (6/543) وعزاه إلى عبد الرزاق وبعد بن حميد.
[59622]:ذكره البغوي في "تفسيره" (4/461).