قوله تعالى : { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ } .
روي أنَّ المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك كانوا بضعة وثمانين نفراً ، فلمَّا رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءوا يعتذرون بالباطل ، فقال الله { قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ } لم نصدقكم .
قوله : { قَدْ نَبَّأَنَا الله } فيه وجهان :
أحدهما : أنَّها المتعدِّيةُ إلى مفعولين .
أولهما : " نا " ، والثاني : " مِنْ أخْبارِكُمْ " ، وعلى هذا ففي " مِنْ " وجهان :
أحدهما : أنَّها غيرُ زائدةٍ ، والتقدير ، قد نبَّأنا اللهُ أخْبَاراً من أخباركم ، أو جملة من أخباركم ، فهو في الحقيقة صفةٌ للمفعول المحذوف .
والثاني : أنَّ " مِنْ " مزيدةٌ عند الأخفشِ ؛ لأنَّه لا يشترط فيها شيئاً ، والتقدير : قد نبَّأنا الله أخباركم .
الوجه الثاني - من الوجهين الأولين - : أنَّها متعديةٌ لثلاثة ، ك " أعْلَم " ، فالأولُ ، والثاني ما تقدَّم ، والثالث محذوفٌ اختصاراً للعلم به ، والتقدير : نبَّأنا الله من أخباركم كذباً ، ونحوه . قال أبو البقاء{[18050]} : " قد يتعدَّى إلى ثلاثةٍ ، والاثنان الآخران محذوفانِ تقديره : أخباراً من أخباركم مثبتة . و " مِنْ أخباركُم " تنبيه على المحذُوف وليست " مِنْ " زائدة ، إذ لو كانت زائدة ، لكانت مفعولاً ثانياً ، والمفعول الثالث محذوفٌ ، وهو خطأ ، لأنَّ المفعول الثاني متى ذُكِر في هذا الباب لزم ذكرُ الثالث " .
وقيل : " مِنْ " بمعنى " عن " . قال شهابُ الدِّين " قوله : إنَّ حذف الثالث خطأ " إن عنى حذف الاقتصارِ فمُسلَّم ، وإن عنى حذف الاختصار فممنوعٌ ، وقد تقدَّم مذاهب النَّاس في هذه المسألة .
وقوله : { قَدْ نَبَّأَنَا الله مِنْ أَخْبَارِكُمْ } علّة لانتفاءِ تصديقهم . ثم قال : { وَسَيَرَى الله عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ } فيما تستأنفون ، أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه ؟ " ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة " .
فإن قيل : لما قال : { وسيرى الله عملكم ورسوله } فلمَ لَمْ يقل ، ثُمَّ تردُّونَ إليْهِ ؟ .
فالجواب : أنَّ في وصفه تعالى بكونه { عَالِمِ الغيب والشهادة } ما يدلُّ على كونه مطلعاً على بواطنهم الخبيثة ، وضمائرهم المملوءة بالكذب والكيد ، وفيه تخويف شديد ، وزجر عظيم لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.