تفسير العز بن عبد السلام - العز بن عبد السلام  
{قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ} (40)

{ قال الذي عنده علم } ملك أُيِّد به سليمان عليه الصلاة والسلام والعلم الذي عنده هو ما كتب الله تعالى لبني آدم وقد أعلم الله تعالى الملائكة كثيراً منه فأذن الله له أن يعلم سليمان ذلك وأن يأتيه بالعرش أو بعض جنوده من الإنس أو الجن ، وعلم الكتاب : علمه بكتاب سليمان إلى بلقيس وعلم أن الريح مسخرة لسليمان وأن الملائكة تعينه فوثق بذلك وأخبره أن يأتيه به قبل ارتداد طرفه ، أو هو سليمان قال ذلك للعفريت ، أو هو بعض الإنس : مليخا أو أسطوم أو آصف بن برخيا وكان صدِّيقاً ، أو ذو النون مصر ، أو الخضر { علم من الكتاب } هو اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب . { يَرتدّ إليك طرفك } يأتيك أقصى من تنظر إليه أو : قبل أن يعود طرفك إلى مد بصرك أو يعود طرفك إلى مجلسك أو قبل الوقت الذي ينتظر وروده فيه من قولهم أنا ممتد الطرف إليك أي منتظر أو قبل أن يرجع إليك طرف رجائك خائباً لأن الرجاء يمد الطرف والإياس يقصره ، أو قبل أن يقبض طرفك بالموت أخبره أنه سيأتيه به قبل موته ودعا بالاسم الأعظم وعاد طرف سليمان عليه الصلاة والسلام إليه فإذا العرش بين يديه ولم يكن سليمان عليه الصلاة والسلام يعلم ذلك الاسم { هذا من فضل ربي } وصول العرش قبل ارتداد طرفي ، { أأشكر } على وصوله { أم أكفر } فلا أشكر إذا رأيت من هو أعلم مني في الدنيا وكان ذلك معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام أجراها الله تعالى على يد بعض أوليائه وكان العرش باليمن وسليمان بالشام قيل خرق الله تعالى به الأرض حتى صار بين يديه .