الجواهر الحسان في تفسير القرآن للثعالبي - الثعالبي  
{قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ فَلَمَّا رَءَاهُ مُسۡتَقِرًّا عِندَهُۥ قَالَ هَٰذَا مِن فَضۡلِ رَبِّي لِيَبۡلُوَنِيٓ ءَأَشۡكُرُ أَمۡ أَكۡفُرُۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشۡكُرُ لِنَفۡسِهِۦۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيّٞ كَرِيمٞ} (40)

وقول { قَالَ الّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ } [ النمل : 40 ] .

قال ابن جبير وقتادة : معناه : قبل أن يصل إليكَ مَنْ يَقَعُ طَرْفُكَ عَلَيْهِ في أبعد ما ترى . وقال مجاهد : معناه : قبل أن تحتاج إلى التغميض ، أي : مدة ما يمكنك أن تمد ببصرك دون تغميض وذلك ارتداده .

قال ( ع ) : وهذانِ القولانِ يقابلانِ القولينِ قبلَهما .

وقوله : { لَقَوِيٌّ أَمِينٌ } معناه : قويٌّ على حمله أمين على ما فيه ، ويُرْوَى أنَّ الجِنَّ كَانَتْ تُخْبِرُ سليمانَ بمَنَاقِل سَيْرِ بلقيس ، فلما قربَتْ ، قال : { أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا } فدعا الذي عنده علم من التوراة ، وهو الكتاب المشار إليه باسم اللّه الأعظم الذي كانت العادة في ذلك الزمان أن لا يدعو به أحد ، إلا أجيب ، فشقت الأرض بذلك العرشِ ، حتَّى نَبَعَ بَيْنَ يَدَيْ سليمانَ عليه السلام ، وقيل : بل جِيءَ به في الهواءِ . وجمهورُ المفسرين على أن هذا الذي عنده علم من الكتاب كان رجلاً صالحاً من بني إسرائيل اسمه آصف بن برخيا ، روي أنه صلى ركعتين ، ثم قال لسليمان عليه السلام : يا نبي اللّه امدد بصرَك نحوَ اليَمَنِ ، فمد بصره فإذا بالعرش ، فما رد سليمان بَصره إلا وهو عنده ، وقال قتادة : اسمه بلخيا .