ثم أنه تعالى أمره بأن يجيب عن هذه الشبهة بجواب يحسم المادة وهو قوله : { قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله } والمراد أن إنزال العذاب على الأعداء وإظهار النصرة للأولياء لا يقدر عليه أحد إلا الله سبحانه ، وأنه تعالى ما عين لذلك الوعد والوعيد وقتا معينا حتى يقال : لما لم يحصل ذلك الموعود في ذلك الوقت ، دل على حصول الخلف فكان تعيين الوقت مفوضا إلى الله سبحانه ، إما بحسب مشيئته وإلهيته عند من لا يعلل أفعاله وأحكامه برعاية المصالح ، وإما بحسب المصلحة المقدرة عند من يعلل أفعاله وأحكامه برعاية المصالح ، ثم إذا حضر الوقت الذي وقته الله تعالى لحدوث ذلك الحادث ، فإنه لا بد وأن يحدث فيه ، ويمتنع عليه التقدم والتأخر .
المسألة الثانية : المعتزلة احتجوا بقوله : { قل لا أملك لنفسي ضرا ولا نفعا إلا ما شاء الله } فقالوا : هذا الاستثناء يدل على أن العبد لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا إلا الطاعة والمعصية ، فهذا الاستثناء يدل على كون العبد مستقلا بهما .
والجواب : قال أصحابنا : هذا الاستثناء منقطع ، والتقدير : ولكن ما شاء الله من ذلك كائن .
المسألة الثالثة : قرأ ابن سيرين { فإذا جاء أجلهم }
المسألة الرابعة : قوله : { إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } يدل على أن أحدا لا يموت إلا بانقضاء أجله ، وكذلك المقتول لا يقتل إلا على هذا الوجه ، وهذه مسألة طويلة وقد ذكرناها في هذا الكتاب في مواضع كثيرة .
المسألة الخامسة : أنه تعالى قال ههنا : { إذا جاء أجلهم فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } فقوله : { إذا جاء أجلهم } شرط وقوله : { فلا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون } جزاء والفاء حرف الجزاء ، فوجب إدخاله على الجزاء كما في هذه الآية ، وهذه الآية تدل على أن الجزاء يحصل مع حصول الشرط لا متأخرا عنه وأن حرف الفاء لا يدل على التراخي وإنما يدل على كونه جزاء .
إذا ثبت هذا فنقول : إذا قال الرجل لامرأة أجنبية إن نكحتك فأنت طالق . قال الشافعي رضي الله عنه : لا يصح هذا التعليق ، وقال أبو حنيفة رضي الله عنه : يصح ، والدليل على أنه لا يصح أن هذه الآية دلت على أن الجزاء إنما يحصل حال حصول الشرط ، فلو صح هذا التعليق لوجب أن يحصل الطلاق مقارنا للنكاح ، لما ثبت أن الجزاء يجب حصوله مع حصول الشرط ، وذلك يوجب الجمع بين الضدين ، ولما كان هذا اللازم باطلا وجب أن لا يصح هذا التعليق .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.