الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{قَالَ يَٰقَوۡمِ أَرَءَيۡتُمۡ إِن كُنتُ عَلَىٰ بَيِّنَةٖ مِّن رَّبِّي وَءَاتَىٰنِي مِنۡهُ رَحۡمَةٗ فَمَن يَنصُرُنِي مِنَ ٱللَّهِ إِنۡ عَصَيۡتُهُۥۖ فَمَا تَزِيدُونَنِي غَيۡرَ تَخۡسِيرٖ} (63)

قوله تعالى : { أَرَأَيْتُمْ } : إلى آخره : قد تقدَّم نظيره ، والمفعول الثاني هنا محذوفٌ تقديره : أأَعْصيه ، ويدلُّ عليه " إن عصيته " . وقال ابن عطية : " هي مِنْ رؤية القلب ، والشرط الذي بعده وجوابه يَسُدُّ مَسَدَّ مفعولَيْنِ ل " أرأيتم " . قال الشيخ : " والذي تقرَّر أنَّ " أرأيت " ضُمِّن معنى أخبرْني ، وعلى تقدير أن لا يُضَمَّن ، فجملةُ الشرط والجواب لا تسدُّ مسدَّ مفعولَيْ علمت وأخواتها .

قوله : { غَيْرَ تَخْسِيرٍ } الظاهرُ أنَّ " غيرَ " مفعولٌ ثانٍ لتَزيدونني . قال أبو البقاء : " الأقوى هنا أن تكون " غير " استثناءً في المعنى ، وهي مفعولٌ ثانٍ ل " تزيدونني " ، أي : فما تزيدونني إلا تخسيراً " . ويجوز أن تكون " غير " صفةً لمفعولٍ محذوف ، أي : شيئاً غير تخسير ، وهو جيد في المعنى . ومعنى التفعيل هنا النسبةُ ، والمعنى : غيرَ أن أُخْسِرَكم ، أي : أَنْسبكم إلى التخسير ، قاله الزمخشري . وقيل : هو على حَذْفِ مضافٍ ، أي : غير بضارِّه تخسيركم ، قاله ابن عباس .