مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{قَالُوٓاْ أَتَعۡجَبِينَ مِنۡ أَمۡرِ ٱللَّهِۖ رَحۡمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُۥ عَلَيۡكُمۡ أَهۡلَ ٱلۡبَيۡتِۚ إِنَّهُۥ حَمِيدٞ مَّجِيدٞ} (73)

ثم قالوا : { قالوا أتعجبين من أمر الله رحمت } والمقصود من هذا الكلام ذكر ما يزيل ذلك التعجب وتقديره : إن رحمة الله عليكم متكاثرة وبركاته لديكم متوالية متعاقبة ، وهي النبوة والمعجزات القاهرة والتوفيق للخيرات العظيمة فإذا رأيت أن الله خرق العادات في تخصيصكم بهذه الكرامات العالية الرفيعة وفي إظهار خوارق العادات وإحداث البينات والمعجزات ، فكيف يليق به التعجب .

وأما قوله : { أهل البيت } فإنه مدح لهم فهو نصب على النداء أو على الاختصاص ، ثم أكدوا ذلك بقولهم : { إنه حميد مجيد } والحميد هو المحمود وهو الذي تحمد أفعاله ، والمجيد الماجد ، وهو ذو الشرف والكرم ، ومن محامد الأفعال إيصال العبد المطيع إلى مراده ومطلوبه ، ومن أنواع الفضل والكرم أن لا يمنع الطالب عن مطلوبه ، فإذا كان من المعلوم أنه تعالى قادر على الكل وأنه حميد مجيد ، فكيف يبقى هذا التعجب في نفس الأمر فثبت أن المقصود من ذكر هذه الكلمات إزالة التعجب .