مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{كَلَّاۚ سَيَكۡفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمۡ وَيَكُونُونَ عَلَيۡهِمۡ ضِدًّا} (82)

ثم أجاب الله تعالى بقوله : { كلا } وهو ردع لهم وإنكار لتعززهم بالآلهة ، وقرأ ابن نهيك : { كلا سيكفرون بعبادتهم } أي كلهم سيكفرون بعبادة هذه الأوثان وفي محتسب ابن جني كلا بفتح الكاف والتنوين وزعم أن معناه كل هذا الاعتقاد والرأي كلا ، قال صاحب الكشاف : إن صحت هذه الرواية فهي كلا التي هي للردع قلب الواقف عليها ألفها نونا كما في قواريرا واختلفوا في أن الضمير في قوله : { سيكفرون } يعود إلى المعبود أو إلى العابد فمنهم من قال إنه يعود إلى المعبود ، ثم قال بعضهم : أراد بذلك الملائكة لأنهم في الآخرة يكفرون بعبادتهم ويتبرءون منهم ويخاصمونهم وهو المراد من قوله : { أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } وقال آخرون : إن الله تعالى يحيي الأصنام يوم القيامة حتى يوبخوا عبادهم ويتبرؤا منهم فيكون ذلك أعظم لحسرتهم ومن الناس من قال الضمير يرجع إلى العباد أي أن هؤلاء المشركين يوم القيامة ينكرون أنهم عبدوا الأصنام ثم قال تعالى : { ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين } أما قوله : { ويكونون عليهم ضدا } فذكر ذلك في مقابلة قوله : { لهم عزا } والمراد ضد العز وهو الذل والهوان أن يكونون عليهم ضدا لما قصدوه وأرادوه كأنه قيل : ويكونون عليهم ذلالهم لا عزا أو يكونون عليهم عونا والضد العون ، يقال من أضدادكم أي من أعوانكم وكأن العون يسمى ضدا لأنه يضاد عدوك وينافيه بإعانته لك عليه ، فإن قيل : ولم وحد ؟ قلنا : وحد توحيد قوله عليه السلام : « وهم يد على من سواهم » لاتفاق كلمتهم فإنهم كشيء واحد لفرط انتظامهم وتوافقهم ، ومعنى كون الآلهة عونا عليهم أنهم وقود النار وحصب جهنم ولأنهم عذبوا بسبب عبادتها