السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{كَلَّاۚ سَيَكۡفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمۡ وَيَكُونُونَ عَلَيۡهِمۡ ضِدًّا} (82)

{ كلا } ردع وإنكار لتعززهم بها { سيكفرون بعبادتهم } أي : تستجحد الآلهة عبادتهم ويقولون ما عبدتمونا كقوله تعالى : { إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا } [ البقرة ، 166 ] وفي آية أخرى : { ما كانوا إيانا يعبدون } [ القصص ، 63 ] وقيل : أراد بذلك الملائكة لأنهم كانوا يكفرون بعبادتهم ويتبرؤون منهم ويخصمونهم وهو المراد من قوله تعالى : { أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون } [ سبأ ، 40 ] وقيل : إنّ الله تعالى يحي الأصنام يوم القيامة حتى يوبخوا عبادهم ويتبرؤوا منهم فيكون ذلك أعظم لحسرتهم ويجوز أن يراد الملائكة والأصنام { ويكونون عليهم ضدّا } أي : أعواناً وأعداءً .

فإن قيل : لم وحده وهو خبر عن جمع ؟ أجيب : بأنه إما مصدر في الأصل والمصادر موحدة مذكرة وإما لأنه مفرد في معنى الجمع قال الزمخشري : والضدّ العون وحد توحيد قوله عليه الصلاة والسلام : «وهم يد على من سواهم لاتفاق كلمتهم وأنهم كشيء واحد لفرط تضامّهم وتوافقهم » انتهى . والحديث رواه أبو داوود وغيره والشاهد فيه قوله يد حيث لم يقل أيد . ولما ذكر تعالى ما لهؤلاء الكفار مع آلهتهم في الآخرة ذكر بعده ما لهم مع الشياطين في الدنيا وأنهم يتولونهم وينقادون إليهم فقال تعالى مخاطباً لنبيه صلى الله عليه وسلم .