اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{كَلَّاۚ سَيَكۡفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمۡ وَيَكُونُونَ عَلَيۡهِمۡ ضِدًّا} (82)

{ كَلاَّ } ليس الأمر كما زعموا { سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ } أي : " كُلُّهم سيكفُرُون بعبادِة " {[22486]} هذه الأوثان{[22487]} .

قوله : { سَيَكْفرُونَ } يجوز أن يعود الضمير{[22488]} على الآلهة ، لأنه أقرب مذكور ، ولأن الضمير في " يَكونُونَ " {[22489]} أيضاً عائد عليهم فقط{[22490]} ، ومثله { وَإِذَا رَأى الذين أَشْرَكُواْ شُرَكَاءَهُمْ } ثم قال { فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لَكَاذِبُونَ }{[22491]} .

قيل : أراد بذلك الملائكة ، لأنهم يكفرون بعبادتهم " ويتبرءون منهم " {[22492]} ويخاصمونهم وهو المراد بقوله : { أهؤلاء إِيَّاكُمْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ }{[22493]} .

وقيل : إن الله -تعالى- يحيي الأصنام يوم القيامة حتى يوبِّخوا عبَّادها ويتبرءوا{[22494]} منهم فيكون ذلك أعظم لحسرتهم{[22495]} .

وقيل : الضمير يعود على المشركين ، ومثله قوله{[22496]} : { والله رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ }{[22497]} إلا أنَّ فيه عدم توافق الضمائر ، إذ الضمير في " يَكُونُونَ " عائد إلى الآلهة{[22498]} .

و{[22499]} " بِعبَادتهِمْ " مصدر مضاف إلى فاعله ، إن عاد{[22500]} الضمير في عبادتهم على المشركين العابدين{[22501]} ، وإلى المفعول إن عاد على الآلهة{[22502]} .

قوله : { ضِدًّا } إنما وحَّده وإن كان خبراً عن جمع لأحد وجهين{[22503]} : إما لأنه مصدر في الأصل{[22504]} ، " والمصادر موحَّدة مذكَّرة ، وإمَّا لأنه مفرد في معنى الجمع{[22505]} .

قال الزمخشري{[22506]} " : والضِّدُّ : العَوْن ، وحِّد توحيد قوله عليه السلام{[22507]} : " وهُم يَدٌ على مِنْ سِوَاهُم{[22508]} " لاتفاق كلمتهم ، وأنَّهم كشيء واحد لفرط تضامنهم وتوافقهم{[22509]} . والضَّدُّ : العونُ والمعاونة ، ويقال{[22510]} : من أضدادكم ، أي : أعوانكم .

قيل : سمي{[22511]} العونُ ضدًّا ، لأنه يضاد من يعاديك وينافيه بإعانته لك{[22512]} عليه{[22513]} .

وفي التفسير : إنَّ الضِّدَّ هنا الأعداء{[22514]} . وقل : القرن{[22515]} . وقيل : البلاء{[22516]} . وهذه تناسب معنى الآية .

قيل{[22517]} : ذكر ذلك في مقابلة قولهم " عِزًّا " ، والمراد ضد العِزّ ، وهو الذُّلُّ والهوان ، أي : يكونون عليهم ضِدًّا لما قصدوا وأرادوه . كأنه قيل : ويكون عليهم ذلاًّ لهُم{[22518]} .


[22486]:ما بين القوسين سقط من ب.
[22487]:آخر ما نقله هنا عن الفخر الرازي 21/251.
[22488]:في ب: أن يكون الضمير عائدا.
[22489]:في ب: يكون. وهو تحريف.
[22490]:في ب: عائد عليه ثم فقط.
[22491]:من قوله تعالى: {وإذا رأى الذين أشركوا شركاءهم قالوا ربنا هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك فألقوا إليهم إنكم لكاذبون}[النحل: 86]. انظر الكشاف 2/422-423، البحر المحيط 6/225.
[22492]:ما بين القوسين سقط من ب.
[22493]:من قوله تعالى: {ويوم يحشرهم ثم يقول للملائكة أهؤلاء إياكم كانوا يعبدون} [سبأ: 40]. انظر الفخر الرازي 21/251.
[22494]:في الأصل: ويتبرؤون.
[22495]:انظر الفخر الرازي 21/251.
[22496]:في ب: ومنه قولهم.
[22497]:من قوله تعالى: {ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين} [الأنعام: 23]. انظر الكشاف 2/422، الفخر الرازي 21/251، البحر المحيط 6/251.
[22498]:في ب: إذ الضمير يكون عائدا على الآلهة.
[22499]:و: سقط من ب.
[22500]:في ب: وإن كان.
[22501]:ويكون التقدير: سيكفر المشركون بعبادتهم الأصنام. البيان 2/136، التبيان 2/881.
[22502]:ويكون التقدير: سيكفر المشركون بعبادة الأصنام، أو سيكفر الأصنام بعبادتهم المشركين، البيان 2/136، التبيان 2/881.
[22503]:في ب: الوجهين.
[22504]:في ب: في الواحد أو الأصل.
[22505]:المصدر موحد لا يثنّى ولا يجمع، لأنه جنس يدل بلفظه على القليل والكثير، فاستغنى عن تثنيته وجمعه، فيخبر به عن المفرد والمثنى والجمع. شرح المفصل 3/50، شرح التصريح 1/157.
[22506]:ما بين القوسين سقط من ب.
[22507]:في ب: لقوله عليه الصلاة والسلام.
[22508]:أخرجه أبو داود (ديات) 4/666- 669، وابن ماجه (ديات) 2/895 وأحمد 1/122، 2/180، 211.
[22509]:الكشاف 2/423.
[22510]:في ب: يقال.
[22511]:في ب: وسمي.
[22512]:في ب: لأنه يضامن يعانيك وتعانيه بإعانتك له. وهو تحريف.
[22513]:انظر الكشاف 2/423، الفخر الرازي 21/251- 252.
[22514]:هذا المعنى للضحاك. القرطبي 11/148، البحر المحيط 2156.
[22515]:في ب: القرآن. وهذا المعنى لقتادة. البحر المحيط 6/215.
[22516]:انظر القرطبي 11/148، البحر المحيط 6/215.
[22517]:في ب: وقيل.
[22518]:انظر الكشاف 2/423، الفخر الرازي 21/251.