فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{كَلَّاۚ سَيَكۡفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمۡ وَيَكُونُونَ عَلَيۡهِمۡ ضِدًّا} (82)

{ كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم } أي ليس الأمر كما ظنوا وتوهموا ، والضمير في الفعل إما للآلهة أي ستجحد هذه الأصنام عبادة الكفار لها يوم ينطقها الله سبحانه ، لأنها عند أن عبدوها جمادات لا تعقل ذلك ، وإما للمشركين ، أي سيجحد المشركون أنهم عبدوا الأصنام ، ويدل على الوجه الأوّل قوله تعالى : { مَا كَانُوا إِيَّانَا يَعْبُدُونَ } [ القصص : 63 ] وقوله : { فَألْقَوْا [ إِلَيْهِمُ القول ] إِنَّكُمْ لكاذبون } [ النحل : 86 ] ويدلّ على الوجه الثاني قوله تعالى : { والله رَبّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ } [ الأنعام : 23 ] وقرأ ابن أبي نهيك : «كلا » بالتنوين ، وروي عنه مع ذلك ضمّ الكاف وفتحها ، فعلى الضم هي بمعنى جميعاً ، وانتصابها بفعل مضمر ، كأنه قال : سيكفرون كلا سيكفرون بعبادهم ، وعلى الفتح يكون مصدراً لفعل محذوف تقديره : كل هذا الرأي كلا ، وقراءة الجمهور هي الصواب ، وهي حرف ردع وزجر { وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدّاً } أي تكون هذه الآلهة التي ظنوها عزّاً لهم ضدّاً عليهم ، أي ضدّاً للعزّ وضدّ العزّ : الذلّ ، هذا على الوجه الأوّل ، وأما على الوجه الثاني فيكون المشركون للآلهة ضدّاً وأعداء يكفرون بها بعد أن كانوا يحبونها ويؤمنون بها .

/خ95