أما قوله تعالى : { وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة فنتبرأ منهم كما تبرؤا منا } فذلك تمن منهم لأن يتمكنوا من الرجعة إلى الدنيا وإلى حال التكليف فيكون الاختيار إليهم حتى يتبرؤن منهم في الدنيا كما تبرؤا منهم يوم القيامة ، ومفهوم الكلام أنهم تمنوا لهم في الدنيا ما يقارب العذاب فيتبرؤن منهم ولا يخلصونهم ولا ينصرونهم كما فعلوا بهم يوم القيامة وتقديره : فلو أن لنا كرة فنتبرأ منهم وقد دهمهم مثل هذا الخطب كما تبرؤا منا والحالة هذه لأنهم إن تمنوا التبرأ منهم مع سلامة فليس فيه فائدة .
أما قوله : { كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم } ففيه مسائل :
المسألة الأولى : في قوله : { كذلك يريهم } وجهان . ( الأول ) : كتبرؤ بعضهم من بعض يريهم الله أعمالهم حسرات وذلك لانقطاع الرجاء من كل أحد . ( الثاني ) : كما أراهم العذاب يريهم الله أعمالهم حسرات ، لأنهم أيقنوا بالهلاك .
المسألة الثانية : في المراد بالأعمال أقوال . ( الأول ) : الطاعات يتحسرون لم ضيعوها عن السدي . ( الثاني ) : المعاصي وأعمالهم الخبيثة عن الربيع وابن زيد يتحسرون لم عملوها . ( الثالث ) : ثواب طاعاتهم التي أتوا بها فأحبطوه بالكفر عن الأصم . ( الرابع ) : أعمالهم التي تقربوا بها إلى رؤسائهم من تعظيمهم والانقياد لأمرهم ، والظاهر أن المراد الأعمال التي اتبعوا فيها السادة ، وهو كفرهم ومعاصيهم ، وإنما تكون حسرة بأن رأوها في صحيفتهم ، وأيقنوا بالجزاء عليها ، وكان يمكنهم تركها والعدول إلى الطاعات ، وفي هذا الوجه الإضافة حقيقية لأنهم عملوها ، وفي الثاني مجاز بمعنى لزمهم فلم يقوموا به .
المسألة الثالثة : حسرات ثالث مفاعيل : رأى .
المسألة الرابعة : قال الزجاج : الحسرة شدة الندامة حتى يبقى النادم كالحسير من الدواب ، وهو الذي لا منفعة فيه ، يقال : حسر فلان يحسر حسرة وحسرا إذا اشتد ندمه على أمر فاته ، وأصل الحسر الكشف ، يقال : حسر عن ذراعيه أي كشف والحسرة انكشاف عن حال الندامة ، والحسور : الإعياء لأنه انكشاف الحال عما أوجبه طول السفر ، قال تعالى : { ومن عنده لا يستكبرون عن عبادته ولا يستحسرون } والمحسرة المكنسة لأنها تكشف عن الأرض ، والطير تنحسر لأنها تنكشف بذهاب الريش .
أما قوله تعالى : { وما هم بخارجين من النار } فقد احتج به الأصحاب على أن أصحاب الكبيرة من أهل القبلة يخرجون من النار فقالوا : إن قوله { وما هم } تخصيص لهم بعدم الخروج على سبيل الحصر فوجب أن يكون عدم الخروج مخصوصا بهم ، وهذه الآية تكشف عن المراد بقوله : { وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين } وثبت أن المراد بالفجار ههنا الكفار لدلالة هذه الآية عليه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.