محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّاۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ} (167)

{ وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرّة فنتبرّأ منهم كما تبرّءوا منا كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات عليهم وما هم بخارجين من النار 167 } .

{ وقال الذين اتبعوا } حين عاينوا تبرّؤ الرؤساء منهم ، وندموا على ما فعلوا من إتباعهم لهم في الدنيا { لو أن لنا كرّة } أي : ليت لنا رجعة إلى الدنيا { فنتبرّأ منهم } هناك ، ومن عبادتهم ، ونعبده تعالى وحده { كما تبرّأوا منا } اليوم . وهم كاذبون في هذا ، بل لو رُدّوا لعادوا لما نُهُوا عنه ، كما أخبر تعالى عنهم بذلك { كذلك } أي : مثل تلك الإراءة الفظيعة { يريهم الله أعمالهم حسرات } ندمات شديدة { عليهم } أي : تذهب وتضمحلّ ، كما قال تعالى : { وقدمنا إلى ما عملوا من عمل / فجعلناه هباء منثورا } {[921]} وقال تعالى : { مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدّت به الريح في يوم عاصف . . . } {[922]} الآية ، وقال تعالى : { والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء . . . } {[923]} الآية { وما هم بخارجين من النار } ونظير هذه الآية قوله تعالى : { . . . ولو ترى إذ الظالمون موقوفون عند ربهم يرجع بعضهم إلى بعض القول يقول الذين استضعفوا للذين استكبروا لولا أنتم لكنّا مؤمنين * قال الذين استكبروا للذين استضعفوا أنحن صددناكم عن الهدى بعد إذ جاءكم ، بل كنتم مجرمين * وقال الذين استضعفوا للذين استكبروا بل مكر الليل والنهار إذ تأمروننا أن نكفر بالله ونجعل له أندادا ، وأسرّوا الندامة لما رأوا العذاب وجعلنا الأغلال في أعناق الذين كفروا ، هل يجزون إلا ما كانوا يعملون } {[924]} . . ؟ وقال تعالى : { واتخذوا من دون الله آلهة ليكونوا لهم عزّا * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضدا } {[925]} . / وقال الخليل لقومه { إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودّة بينكم في الحياة الدنيا ، ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين } {[926]} . وقالت الملائكة { تبرّأنا إليك ، ما كانوا إيّانا يعبدون } {[927]} ويقولون { سبحانك ! أنت ولينا من دونهم ، بل كانوا يعبدون الجن ، أكثرهم بهم مؤمنون } {[928]} . وقال تعالى : { ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة ، وهم عن دعائهم غافلون * وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين } {[929]} . وقال تعالى : { وقال الشيطان لما قضي الأمر إن الله وعدكم وعد الحق ووعدتكم فأخلفتكم ، وما كان لي عليكم من سلطان إلا أن دعوتكم فاستجبتم لي ، فلا تلوموني ولوموا أنفسكم ، ما أنا بمصرخكم وما أنتم بمصرخيّ ، إني كفرت بما أشركتمون من قبل ، إن الظالمين لهم عذاب أليم } {[930]} .


[921]:[25/ الفرقان/ 23].
[922]:[14/ إبراهيم/ 18] ونصها: {مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف لا يقدرون مما كسبوا على شيء ذلك هو الضلال البعيد 18}.
[923]:[24/ النور/ 39] ونصها: {والذين كفروا أعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ووجد الله عنده فوفّاه حسابه والله سريع الحساب 39}.
[924]:[34/ سبأ/ 31 ـ 33] وأول الآية الأولى: {وقال الذين كفروا لن نؤمن بهذا القرآن ولا بالذي بين يديه}.
[925]:[19/ مريم/ 81 و82].
[926]:[29/ العنكبوت/ 25].
[927]:[28/ القصص/ 63] ونصها: {قال الذين حق عليهم القول ربنا هؤلاء الذين أغوينا أغويناهم كما غوينا تبرّأنا إليك ما كانوا إيانا يعبدون 63}.
[928]:[34/ سبأ/ 41].
[929]:[46/ الأحقاف/ 5، 6].
[930]:[14/ إبراهيم/ 22].