الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّاۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ} (167)

ثم قال تعالى : ( وَقَالَ الذِينَ اتَّبَعُوا لَوَانَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ ) [ 166 ] .

أي : وقال الأتباع : لو أن لنا رجعة إلى الدنيا فنبرأ من هؤلاء القادة الجبابرة الذين اتبعناهم في الدنيا على الشرك كما تبرأوا منا الآن .

ثم قال : ( كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ )/[ 166 ] .

أي : كما أراهم الله العذاب وتبرأ( {[5129]} ) بعضهم من بعض كذلك( {[5130]} ) يريهم/أعمالهم حسرات عليهم : أي ندامات .

والمعنى : كذلك يريهم الله عذاب أعمالهم السيئة ليتحسروا على عملها . قاله الربيع وابن زيد( {[5131]} ) . وهو اختيار الطبري( {[5132]} ) .

وقيل : المعنى : كذلك يريهم الله ثواب أعمالهم التي افترضها الله عليهم في/الدنيا فضيعوها ، ولم يعملوا بها ليتحسروا على تركها( {[5133]} ) .

قال السدي : " يرفع الله لهم الجنة فينظرون إليها وإلى بيوتهم فيها لو أنهم أطاعوا الله ، فيقال لهم : تلك مساكنكم( {[5134]} ) لو أطعتم( {[5135]} ) الله ، ثم تقسم بين المؤمنين فيريهم الله ذلك ، فذلك( {[5136]} ) حين يندمون " ( {[5137]} ) . وقال ابن مسعود : " ليس من نفس إلا وهي تنظر إلى بيت في الجنة وبيت في النار وهو يوم الحسرة ؛ فيرى أهل النار البيت الذي( {[5138]} ) في الجنة( {[5139]} ) فيقال لهم : لو عملتم( {[5140]} ) ، فتأخذهم الحسرة . ويرى أهل الجنة البيت الذي في النار ، فيقال لهم : لولا( {[5141]} ) أن الله مَنَّ عليكم " ( {[5142]} ) .

فالمعنى على هذا : كذلك يريهم الله ثواب أعمالهم التي كانت/تلزمهم في الدنيا فتركوها وضيعوها حسرات عليهم .

والحسرة( {[5143]} ) في اللغة : أشد الندامة( {[5144]} ) .

ثم قال : ( وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ ) [ 166 ] .

أي : ليسوا يخرجون من النار أبداً ، يعني به القوم الذين تقدمت صفتهم وتبرأ بعضهم من بعض ، وتمنى بعضهم الرجعة إلى الدنيا . وهذه الآية تدل على فساد قول من زعم أن عذاب الله عز وجل للكفار له نهاية( {[5145]} ) .


[5129]:- في ع1، ع2، ق، ع3: تبرأوا.
[5130]:- سقط من ع3.
[5131]:- انظر: جامع البيان 3/298.
[5132]:- انظر: المصدر السابق.
[5133]:- انظر: تفسير ابن مسعود 2/81. وهو قول السدي في تفسير القرطبي 2/207.
[5134]:- في ع1: مساكنهم. وهو خطأ.
[5135]:- في ع2: طمعتم. وهو تحريف.
[5136]:- في ع1: بذلك.
[5137]:- انظر: جامع البيان 3/296، وتفسير القرطبي 2/207.
[5138]:- في ع3: التي. وهو خطأ.
[5139]:- سقط قوله: "وبيت في النار...في الجنة" من ق.
[5140]:- في ع3: علمتم. وهو تحريف.
[5141]:- سقط من ع3.
[5142]:- انظر: تفسيره 2/81.
[5143]:- في ع3: الحسرات.
[5144]:- انظر: مجاز القرآن 1/63، واللسان 1/633.
[5145]:- انظر: هذا التأويل في جامع البيان 3/299، وتفسير القرطبي 2/207.