فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقَالَ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُواْ لَوۡ أَنَّ لَنَا كَرَّةٗ فَنَتَبَرَّأَ مِنۡهُمۡ كَمَا تَبَرَّءُواْ مِنَّاۗ كَذَٰلِكَ يُرِيهِمُ ٱللَّهُ أَعۡمَٰلَهُمۡ حَسَرَٰتٍ عَلَيۡهِمۡۖ وَمَا هُم بِخَٰرِجِينَ مِنَ ٱلنَّارِ} (167)

والكرّة : الرجعة ، والعودة إلى حال قد كانت ، و " لو " هنا في معنى التمني كأنه قيل : ليت لنا كرّة ، ولهذا وقعت الفاء في الجواب . والمعنى : أن الأتباع قالوا : لو رُددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحاً ، ونتبرأ منهم كما تبرّءوا منا . والكاف في قوله : { كَمَا تَبَرَّءوا مِنَّا } في محل نصب على النعت لمصدر محذوف . وقيل : في محل نصب على الحال ، ولا أراه صحيحاً .

وقوله : { كذلك يُرِيهِمُ الله } في موضع رفع ، أي : الأمر كذلك ، أي : كما أراهم الله العذاب يريهم أعمالهم ، وهذه الرؤية إن كانت البصرية فقوله : { حسرات } منتصب على الحال ، وإن كانت القلبية ، فهو المفعول الثالث ، والمعنى : أن أعمالهم الفاسدة يريهم الله إياها ، فتكون عليهم حسرات ، أو يريهم الأعمال الصالحة التي أوجبها عليهم ، فتركوها ، فيكون ذلك حسرة عليهم . وقوله : { وَمَا هُم بخارجين مِنَ النار } فيه دليل على خلود الكفار في النار ، وظاهر هذا التركيب يفيد الاختصاص ، وجعله الزمخشري للتقوية لغرض له يرجع إلى المذهب ، والبحث في هذا يطول .

/خ167