ثم إن الله تعالى لما أنزل الحجاب استثنى المحارم بقوله : { لا جناح عليهن في آبائهن ولا أبنائهن ولا إخوانهن ولا أبناء إخوانهن ولا أبناء أخواتهن ولا نسائهن ولا ما ملكت أيمانهن } وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى : في الحجاب أوجب السؤال من وراء الحجاب على الرجال ، فلم لم يستثن الرجال عن الجناح ، ولم يقل لا جناح على آبائهن ؟ فنقول قوله تعالى : { فاسألوهن من وراء حجاب } أمر بسدل الستر عليهن وذلك لا يكون إلا بكونهن مستورات محجوبات وكان الحجاب وجب عليهن ، ثم أمر الرجال بتركهن كذلك ، ونهوا عن هتك أستارهن فاستثنين عند الآباء والأبناء وفيه لطيفة : وهي أن عند الحجاب أمر الله الرجل بالسؤال من وراء حجاب ، ويفهم منه كون المرأة محجوبة عن الرجل بالطريق الأولى ، وعند الاستثناء قال تعالى : { لا جناح عليهن } عند رفع الحجاب عنهن ، فالرجال أولى بذلك .
المسألة الثانية : قدم الآباء لأن اطلاعهم على بناتهن أكثر ، وكيف وهم قد رأوا جميع بدن البنات في حال صغرهن ، ثم الأبناء ثم الإخوة وذلك ظاهر . إنما الكلام في بني الإخوة حيث قدمهم الله تعالى على بني الأخوات ، لأن بني الأخوات آباؤهم ليسوا بمحارم إنما هم أزواج خالات أبنائهم ، وبني الأخوة آباؤهم محارم أيضا ، ففي بني الأخوات مفسدة ما وهي أن الابن ربما يحكي خالته عند أبيه وهو ليس بمحرم ولا كذلك بنو الإخوة .
المسألة الثالثة : لم يذكر الله من المحارم الأعمام والأخوال ، فلم يقل ولا أعمامهن ولا أخوالهن لوجهين أحدهما : أن ذلك علم من بني الإخوة وبني الأخوات ، لأن من علم أن بني الأخ للعمات محارم علم أن بنات الأخ للأعمام محارم ، وكذلك الحال في أمر الخال ثانيهما : أن الأعمام ربما يذكرون بنات الأخ عند أبنائهم وهم غير محارم ، وكذلك الحال في ابن الخال .
المسألة الرابعة : { ولا نسائهن } مضافة إلى المؤمنات حتى لا يجوز التكشف للكافرات في وجه .
المسألة الخامسة : { ولا ما ملكت أيمانهن } هذا بعد الكل ، فإن المفسدة في التكشف لهم ظاهرة ، ومن الأئمة من قال المراد من كان دون البلوغ .
ثم قوله تعالى : { واتقين الله } عند المماليك دليل على أن التكشف لهم مشروط بشرط السلامة والعلم بعدم المحذور . وقوله : { إن الله كان على كل شيء شهيدا } في غاية الحسن في هذا الموضع ، وذلك لأن ما سبق إشارة إلى جواز الخلوة بهم والتكشف لهم ، فقال إن الله شاهد عند اختلاء بعضكم ببعض ، فخلوتكم مثل ملئكم بشهادة الله تعالى فاتقوا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.