تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

لما أمر تعالى النساء بالحجاب من الأجانب ، بيَّن أن هؤلاء الأقارب لا يجب الاحتجاب منهم ، كما استثناهم في سورة النور ، عند قوله : { وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ } إلى آخرها ، [ النور : 31 ] ، وفيها زيادات على هذه . وقد تقدم تفسيرها والكلام عليها بما أغنى عن إعادته . وقد سأل بعض السلف فقال : لِم لَمْ يذكر العم والخال في هاتين الآيتين ؟ فأجاب عكرمة والشعبي : بأنهما لم يذكرا ؛ لأنهما قد يصفان ذلك لبنيهما . قال ابن جرير : حدثني محمد بن المثنى ، حدثنا حجاج بن مِنْهال ، حدثنا حماد ، حدثنا داود ، عن الشعبي وعكرمة في قوله : { لا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلا أَبْنَائِهِنَّ وَلا إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلا نِسَائِهِنَّ وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } قلت : ما شأن العم والخال لم يذكرا ؟ قالا هما{[23797]} ينعتانها لأبنائهما . وكرها أن تضع خمارها عند خالها وعمها .

وقوله : { وَلا نِسَائِهِنَّ } : يعني بذلك : عَدَم الاحتجاب من النساء المؤمنات .

وقوله : { وَلا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } يعني به : أرقاءَهن من الذكور والإناث ، كما تقدم التنبيه عليه ، وإيراد الحديث فيه{[23798]} .

قال سعيد بن المسيب : إنما يعني به : الإماء فقط . رواه ابن أبي حاتم .

وقوله : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } أي : واخشينه في الخلوة والعلانية ، فإنه شهيد على كل شيء ، لا تخفى عليه خافية ، فراقبن الرقيب .


[23797]:- في أ: "لأنهما".
[23798]:- تقديم تخريج الحديث عند تفسير الآية: 31 من سورة النور.