غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

41

ثم إنه لما أنزل الحجاب استثنى المحارم بقوله { لا جناح عليهن } أي لا إثم عليهن في ترك الاحتجاب من هؤلاء . قال في التفسير الكبير عند الحجاب : لما أمر الله الرجل بالسؤال من رواء الحجاب فيفهم كون المرأة محجوبة عن الرجل بالطريق الأولى ، وعند الاستثناء قال { لا جناح عليهن } فرفع الحجاب عنهن فالرجال أولى بذلك . وقدم الآباء لأن إطلاعهم على بناتهم أكثر فقد رأوهن في حالة الصغر ، ثم الأبناء ثم الأخوة ، وقدم بني الإخوة لأن بني الأخوات آباؤهم ليسوا بمحارم إنما هم أزواج خالات أبنائهم فقد يصف الابن خالته عند أبيه ففي ذلك نوع مفسدة فأوجبت التأخر عن رتبة المحرمية ، ولم يذكر العم والخال لأنهما يجريان مجرى الوالدين ، أو لأنهما قد يصفيان لأبنائهما وأبناؤهما غير محارم .

وقد يستدل بقوله { ولا نسائهن } مضافة إلى المؤمنات أنه لا يجوز التكشف للكافرات في وجه ، وأخر المماليك لأن محرميتهم كالأمر الضروري وإلا فالمفسدة في التكشف لهم ظاهرة ولهذا عقبة بقوله { واتقين } فإن التكشف لهم مشروط بشرط سلامة العاقبة والأمن من الفتنة . ومنهم من قال : المراد من كان منهم دون البلوغ . قال جار الله : في نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب في قوله { واتقين } فضل تشديد وبعث على سلوك طريقة التقوى فيما أمرن به من الاحتجاب كأنه قيل : وليكن عملكن في الحجب أحسن مما كان وأتقن غير محتجبات ليفضل سركن علنكن . ثم أكد الكل بقوله { إن الله كان على كل شيء شهيداً } وفيه أنه لا يتفاوت في علمه ظاهر الحجاب وباطنه .

/خ73