تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي  
{لَّا جُنَاحَ عَلَيۡهِنَّ فِيٓ ءَابَآئِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآئِهِنَّ وَلَآ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ إِخۡوَٰنِهِنَّ وَلَآ أَبۡنَآءِ أَخَوَٰتِهِنَّ وَلَا نِسَآئِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُنَّۗ وَٱتَّقِينَ ٱللَّهَۚ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ شَهِيدًا} (55)

{ 55 } { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا }

لما ذكر أنهن لا يسألن متاعًا إلا من وراء حجاب ، وكان اللفظ عامًا [ لكل أحد ]{[720]}  احتيج أن يستثنى منه هؤلاء المذكورون ، من المحارم ، وأنه { لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ } في عدم الاحتجاب عنهم .

ولم يذكر فيها الأعمام ، والأخوال ، لأنهن إذا لم يحتجبن عمن هن عماته ولا{[721]}  خالاته ، من أبناء الإخوة والأخوات ، مع رفعتهن عليهم ، فعدم احتجابهن عن عمهن وخالهن ، من باب أولى ، ولأن منطوق الآية الأخرى ، المصرحة بذكر العم والخال ، مقدمة ، على ما يفهم من هذه الآية .

وقوله { وَلَا نِسَائِهِنَّ } أي : لا جناح عليهن ألا يحتجبن عن نسائهن ، أي : اللاتي من جنسهن في الدين ، فيكون ذلك مخرجًا لنساء الكفار ، ويحتمل أن المراد جنس النساء ، فإن المرأة لا تحتجب عن المرأة . { وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ } ما دام العبد في ملكها جميعه .

ولما رفع الجناح عن هؤلاء ، شرط فيه وفي غيره ، لزوم تقوى اللّه ، وأن لا يكون في محذور شرعي فقال : { وَاتَّقِينَ اللَّهَ } أي : استعملن تقواه في جميع الأحوال { إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا } يشهد أعمال العباد ، ظاهرها وباطنها ، ويسمع أقوالهم ، ويرى حركاتهم ، ثم يجازيهم على ذلك ، أتم الجزاء وأوفاه .


[720]:- زيادة من: ب.
[721]:- في ب: بدون (لا) وهو الأقرب.