غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{قَالُوٓاْ إِنَّكُمۡ كُنتُمۡ تَأۡتُونَنَا عَنِ ٱلۡيَمِينِ} (28)

1

{ قالوا } لرؤسائهم { إنكم كنتم تأتوننا عن اليمين } وفيه وجوه ، الأول : أنها استعارة عن الخيرات والسعادات وذلك أن الجانب الأيمن أشرف من الأيسر شرعاً وعرفاً . كان رسول الله يحب التيامن في كل شيء ولهذا أمرت الشريعة بمباشرة أفاضل الأمور باليمين وأراطلها بالشمال ، وجعلت اليمين لكاتب الحسنات والشمال لكاتب السيآت ، ووعد المحسن أن يؤتى كتابه بيمينه والمسيء بالضد ، وما جعلت يمنى إلا للتيمن بها ولذلك تيمنوا بالسانح وتطيروا بالبارح . فقيل : أتاه عن اليمين أي من قبل الخير وناحيته فصدّه عنه وأضله . قال جار الله : من المجاز ما غلب عليه الاستعمال حتى لحق بالحقيقة وهذا من ذاك لأن اليمين كالحقيقة في الخير . ثم صار قولك " أتاه عن اليمين " مجازاً في المعنى المذكور . الثاني : أن يقال : فلان يمين فلان إذا كان عنده بمنزلة رفيعة فكأنهم قالوا : إنكم كنتم تخدعوننا وتوهمون أننا عندكم بمحل رفيع فوثقنا بكم وقبلنا عنكم . الثالث : اليمين الحلف ، كان الكفار قد حلفوا لهؤلاء الضعفة أن ما يدعونهم إليه هو الحق فوثقوا بأيمانهم وتمسكوا بعهودهم . الرابع : أن اليمين القوة والقهر فبها يقع البطش غالباً أي كنتم تأتوننا عن القهر والغلبة حتى حملتمونا على الضلال . وكما أن الضمير في { قالوا } الأول كان عائداً إلى الأتباع بقرينة الخطاب ،

/خ82