{ سنفرغ لكم أيه الثقلان } قال القرطبي : يقال : فرغت من الشغل أفرغ فراغا وفروغا . وتفرغت لكذا واستفرغت مجهودي في كذا أي بذلته . والله تعالى ليس له شغل يفرغ منه . وإنما المعنى : سنقصد لمجازاتكم أو محاسبتكم ، فهو وعيد لهم وتهديد ، كقول القائل لمن يريد تهديده : إذا أتفرغ لك ، أي أقصدك .
/ وقال الزجّاج : الفراغ في اللغة على ضربين : أحدهما الفراغ من الشغل ، والآخر القصد للشيء والإقبال عليه ، كما هنا . وهو تهديد ووعيد . تقول : قد فرغت مما كنت فيه ، أي قد زال شغلي به . وتقول : سأفرغ لفلان ، أي سأجعله قصدي . فهو على سبيل التمثيل . شبه تدبيره تعالى أمر الآخرة ، من الأخذ في الجزاء ، وإيصال الثواب والعقاب إلى المكلفين ، بعد تدبيره تعالى لأمر الدنيا بالأمر والنهي ، والإماتة والإحياء ، والمنع والإعطاء ، وأنه لا يشغله شأن عن شأن – بحال من إذا كان في شغل يشغله عن شغل آخر ، إذا فرغ من ذلك الشغل ، شرع في آخر . وجازت الاستعارة التصريحية أيضا . وقد ألم به صاحب ( المفتاح ) حيث قال : الفراغ الخلاص عن المهام . والله عز وجل لا يشغله شأن عن شأن ، وقع مستعارا للأخذ في الجزاء وحده .
ترسم { أيّه } بغير ألف . وأما في النطق فقرأ أبو عمرو والكسائي { أيها } بالألف في الوقف ، ووقف الباقون على الرسم { أيه } بتسكين الهاء ، وفي الوصل قرأ ابن عامر { أيه } برفع الهاء ، والباقون بنصبها . { والثقلان } تثنية ( ثقل ) بفتحتين ، فعل بمعنى مفعل ، لأنهما أثقلا الأرض ، أو بمعنى مفعول ، لأنهما أُثقلا بالتكاليف . وقال الحسن : لثقلهما بالذنوب .
والخطاب في { لكم } قيل للمجرمين ، لكن يأباه قوله { أيه الثقلان } نعم ! المقصود بالتهديد هم . ولا مانع من تهديد الجميع – كما أفاده الشهاب- ولا يفهم من هذا أن اللفظ الكريم وعيد بحت ، بل هو حامل للوعد أيضا ، لأن المعنى : سنفرغ لحسابكم ، فنثيب أهل الطاعة ، ونعاقب العصاة ، وهو جليّ . ولذا اعتد ذلك نعمة عليهم بقوله : { فبأي آلاء ربكما تكذبان } أي من ثوابه أهل طاعته ، وعقابه أهل معصيته .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.