الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{سَنَفۡرُغُ لَكُمۡ أَيُّهَ ٱلثَّقَلَانِ} (31)

قوله : { سَنَفْرُغُ } : قرأ سَيَفْرُغُ بالياءِ الأخَوان أي : سَيَفْرُغُ اللَّهُ تعالى . والباقون من السبعة بنون العظمة ، والراءُ مضمومةٌ في القراءتَيْن ، وهي اللغةُ الفُصْحى لغة الحجازِ . وقرأها مفتوحة الراء مع النونِ الأعرجُ ، وتحتمل وجهَيْن ، أحدهما : أَنْ تكونْ مِنْ فَزَغَ بفتحِ الراء في الماضي ، وفُتِحت في المضارع لأَجْلِ حرفِ الحَلْقِ . والثاني : أنه سُمِعَ فيه فَرِغَ بكسرِ العينِ ، فيكون هذا مضارعه/ وهذه لغةُ تميمٍ . وعيسى بن عمر وأبو السَّمَّال " سَنِفْرَغُ " بكسر حرفِ المضارعةِ وفتحِ الراءِ . وتوجيهُها واضحٌ مِمَّا تقدَّم في الفاتحة قال أبو حاتم : " وهي لُغَةُ سُفْلى مُضَرَ . والأعمش وأبو حيوةَ وإبراهيمُ " سَنِفْرَغُ " بضم الياء مِنْ تحتُ مبنياً للمفعولِ . وعيسى أيضاً بفتح نونِ العظمةِ وكسرِ الراء . والأعرجُ أيضاً بفتح الياء والراء . ورُوي عن أبي عمروٍ . وقد تقدَّم قراءةُ " أيها " في النور . والفَراغُ هنا استعارةٌ . وقيل : هو القَصْدُ . وأُنْشِد لجرير :

ألانَ وقد فَرَغْتُ إلى نُمَيْرٍ *** فهذا حينَ كُنْتُ لهمُ عَذاباً

وأنشد الزجاج :

4177 . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . *** فَرَغْتُ إلى العبدِ المقيَّدِ في الحِجْلِ

ويَدُلُّ عليه قراءةُ أُبَيّ " سَنَفْرُغُ إليكم " أي : سَنَقْصِدُ إليكم . والثَّقَلان : الجن والإِنس لأنهما ثَقَلا الأرضِ . وقيل : لثِقَلِهم بالذنوب . وقيل : الثَّقَلُ : الإِنسُ لشَرَفَهم . وسُمِّيَ الجنُّ بذلك مجازاً للمجاورة . والثَّقَل . العظيم الشريف . وفي الحديث : " إني تاركٌ فيكم ثَقَلَيْن كتابَ الله وعِتْرتي "