{ سنفرغ لكم } أي سنقصد لحسابكم وجزائكم ؛ وقرأ حمزة والكسائي : بعد السين بالياء التحتية والباقون بالنون { أيه الثقلان } أي : الإنس والجنّ وذلك يوم القيامة فإنه تعالى لا يفعل ذلك في غيره قال القرطبي : يقال فرغت من الشغل أفرغ فراغاً وفروغاً وتفرّغت لكذا واستفرغت مجهودي في كذا أي بذلت وليس بالله تعالى شغل يفرغ منه ؛ وإنما المعنى سنقصد لمجازاتكم ومحاسبتكم فهو وعيد لهم وتهديد قاله ابن عباس والضحاك ؛ كقول القائل لمن يريد تهديده : إذا أتفرّغ لك أي أقصدك وأنشد ابن الأنباري لجرير :
الآن وقد فرغت إلى نمير *** فهذا حين كنت لهم عذابا
يريد : وقد قصدت ، وأنشد الزجاج والنحاس :
فرغت إلى العبد المقيد في الحجل ***
وفي حديث النبي صلى الله عليه وسلم «أنه لما بايع الأنصار ليلة العقبة صاح الشيطان : يا أهل الحباحب هذا مذمم يبايع بني قيلة على حربكم ، فقال النبيّ صلى الله عليه وسلم هذا أزبّ العقبة أما والله يا عدوّ الله لأتفرغنّ لك » أي : أقصد إلى إبطال أمرك . وهذا اختيار الكسائي وغيره . قال ابن الأثير الأزبّ في اللغة الكثير الشعر ؛ وهو هاهنا شيطان اسمه أزبّ العقبة وهو الحية . وقيل : إنّ الله تعالى وعد على التقوى وأوعد على الفجور ثم قال تعالى : { سنفرغ لكم أيها الثقلان } أي ما وعدناكم ونوصل كلاً إلى ما وعدناه أقسم ذلك وأتفرّغ منه قاله الحسن ومقاتل وابن زيد .
تنبيه : رسمْ { أيه } بغير ألف فإذا وقف عليها وقف أبو عمرو والكسائي أيها بالألف ووقف الباقون على الرسم أيه وفى الوصل قرأ ابن عامر أيه برفع الهاء والباقون بنصبها .
فائدة : سمى الإنس والجن بالثقلين لعظم شأنهما بالإضافة إلى ما في الأرض من غيرهما بسبب التكليف ؛ وقيل : سموا بذلك لأنهما ثقلا الأرض أحياء وأمواتا . قال الله تعالى : { وأخرجت الأرض أثقالها } [ الزلزلة : 2 ]
ومنه قولهم : أعطه ثقله أي وزنه ؛ وقال بعض أهل المعاني كل شيء له قدر ووزن ينافس فيه فهو ثقل ومنه قيل لبيض النعام : ثقل ؛ لأنّ واجده وصائده يفرح به إذا ظفر به ؛ وقال جعفر الصادق : سميا ثقلين لأنهما مثقلان بالذنوب ؛ وقيل : الثقل الإنس لشرفهم وسمي الجن بذلك مجازاً للمجاورة والتغلب كالقمرين والعمرين والثقل العظيم الشريف . قال صلى الله عليه وسلم «إني تارك فيكم ثقلين كتاب الله عز وجل وعترتي » .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.