{ سَنَفْرُغُ لَكُمْ } قرأ عبد الله وأبي ( سنفرغ اليكم ) ، وقرأ الاعمش بضم الياء وفتح الراء على غير تسمية ، وقرأ الأعرج بفتح النون والراء . قال الكسائي : هي لغة تميم ، وقرأ حمزة والكسائي وخلف بضم الياء وفتح الراء ، واختاره أبو عبيد اعتباراً بقوله : { يَسْأَلُهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ } فاتبع الخبر الخبر ، وقرأ الباقون بفتح الياء وضم الراء ، واختاره أبو حاتم .
فإن قيل : إن الفراغ لا يكون إلاّ عن شغل والله تعالى لا يشغله شأن عن شأن . قلنا : اختلف العلماء في معنى هذه الآية فقال قوم : هذا وعيد وتهديد من الله سبحانه وتعالى لهم كقول القائل : لأتفرغنّ لك وما به شغل ، وهذا قول ابن عباس والضحاك ، وقال آخرون : معناه سنقصدكم بعد الترك والإمهال ونأخذ في أمركم ، وقد يقول القائل للذي لا شغل له : قد فرغت لي وفرغت لشتمي ، أي أخذت فيه وأقبلت عليه . قال جرير بن الخطفي :
ولما التقى القين العراقي بأسته *** فرغت إلى القين المقيّد بالحجل
أي قصدته بما يسوؤه ، وهذا القول اختيار الفندي والكسائي .
وقال بعضهم : إن الله سبحانه وعد على التقوى وأوعد على الفجور ، ثم قال : سنفرغ لكم مما أوعدناكم وأخبرناكم فنحاسبكم ونجازيكم ، وننجز لكم ما وعدناكم ، ونوصل كلا إلى ما عدناه ، فيتمّ ذلك ويفرغ منه ، وإلى هذا ذهب الحسن ومقاتل وابن زيد ، وقال ابن كيسان : الفراغ للفعل هو التوفر عليه دون غيره . { أَيُّهَ الثَّقَلاَنِ } أي الجن والإنس ، دليله قوله في عقبه { يمَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ } سمّيا ثقلين ؛ لأنهما ثقل أحياءً وأمواتاً ، قال الله سبحانه :
{ وَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ أَثْقَالَهَا } [ الزلزلة : 2 ] وقال بعض أهل المعاني : كل شيء له قدر ينافس فيه فهو ثقل ، ومنه قيل لبيض النعام : ثقل ؛ لأن واجده وصائده يفرح إذا ظفر به قال الشاعر :
فتذكّرا ثقلاً رثيداً بعدما *** ألقت ذكاءُ يمينها في كافر
وقال النبي صلى الله عليه وسلم " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي " فجعلهما ثقلين إعظاماً لقدرهما ، وقال جعفر الصادق : سمي الجن والانس ثقلين ؛ لأنهما مثقلان بالذنوب .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.