{ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن ديارهم } بعد أن أمروا بما أمروا من أحاسن الأعمال ونهوا عما يقابلها ، والمراد بهم أهل مكة أبو جهل وأصحابه حين خرجوا لحماية العير { بَطَراً } أي فخراً وأشراً { وَرِئَاء الناس } ليثنوا عليهم بالشجاعة والسماحة . روى عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لما رأى أبو سفيان أنه أحرز عيره أرسل إلى قريش أن أرجعوا فقد سلمت العير فقال أبو جهل : والله لا نرجع حتى نرد بدراً ونشرب الخمور وتعزف علينا القينات ونطعم بها من حضرنا من العرب فوافوها ولكن سقوا كأس المنايا بدل الخمور وناحت عليهم النوائح ، بدل القينات وكانت أموالهم غنائم بدلاً عن بذلها ، ونصب المصدرين على التعليل ، ويجوز أن يكونا في موضع الحال ، أي بطرين مرائين ، وعلى التقديرين المقصود نهى المؤمنين أن يكونوا أمثالهم في البطر والرياء وأمرهم بأن يكونوا أهل تقوى وإخلاص إذا قلنا : إن النهي عن الشيء أمر بضده .
{ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } عطف على { بَطَراً } وهو ظاهر على تقدير أنه حال بتأويل اسم الفاعل لأن الجملة تقع حالاً من غير تكلف وأما على تقدير كونه مفعولاً له فيحتاج إلى تكلف لأن الجملة لا تقع مفعولاً له ، ومن هنا قيل : الأصل أن يصدوا فلما حذفت أن المصدرية ارتفع الفعل مع القصد إلى معنى المصدرية بدون سابك كقوله :
ألا أيها الزاجري أحضر الوغى *** أي عن أن أحضر وهو شاذ
واختير جعله على هذا استئنافاً ؛ ونكتة التعبير بالاسم أولاً والفعل أخيراً أن البطر والرياء دأبهم بخلاف الصد فءنه تجدد لهم في زمن النبوة { والله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ } فيجازيهم عليه .
( ومن باب الإشارة ) :{ وَلاَ تَكُونُواْ كالذين خَرَجُواْ مِن ديارهم } وهم القوى النفسانية خرجوا من مقارهم وحدودهم { بَطَراً } فخراً وأشراً { وَرِئَاء الناس } وإظهاراً للجلادة .
وقال بعضهم : حذر الله تعالى بهذه الآية أولياءه عن مشابهة أعدائه في رؤية غيره سبحانه { وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ الله } [ الأنفال : 47 ] وهو التوحيد والمعرفة
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.