{ ولا تكونوا } في البطر والاستكبار { كالذين خرجوا من ديارهم } أي مكة { بطرا } أي فخرا وأشرا { ورئاء الناس } فيصيبكم مثل ما أصابهم نهاهم عن أن تكون حالتهم كحالة هؤلاء وهم قريش فإنهم خرجوا يوم بدر ليحفظوا العير التي مع أبي سفيان ومعهم القيان{[848]} والمعازف فلما بلغوا الجحفة بلغهم أن العير قد نجت وسلمت فلم يرجعوا بل قالوا لا بد لهم من الوصول إلى بدر ليشربوا الخمر وتغني لهم القيان وتسمع العرب بمخرجهم فكان ذلك منهم بطرا وأشرا وطلبا للثناء من الناس والتمدح إليهم ، والفخر عندهم ، وهو الرياء .
قيل :والبطر في اللغة التقوّي بنعم الله على معاصيه أي خرجوا بطرين مرائين أو خرجوا للبطر والرياء ، قال الزجاج البطر الطغيان في النعمة وترك شكرها وجعلها وسيلة إلى ما لا يرضاه الله ، والرياء إظهار الجميل مع إبطان القبيح ، وقيل معناها الفخر بالنعمة ومقابلتها بالتكبر والخيلاء والفخر بها ، والرياء مصدر راءى كقاتل قتالا .
وظاهر النظم الكريم أن قوله بطرا متعلق بخرجوا وهو لا يوافق الواقع لأن خروجهم كان لغرض مهم ، وهو المنع عن عيرهم ولهذا جعله السيوطي متعلقا بمحذوف وقدر لخرجوا علة أخرى حيث قال خرجوا من ديارهم ليمنعوا عيرهم ولم يرجعوا بعد نجاتها بطرا ، فجعله علة لهذا المقدر وهو قوله ولم يرجعوا والمعنى عليه واضح ولم يسلك هذا المسلك غيره ممن رأيناه من المفسرين .
وعن قتادة قال : ذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يومئذ : ( اللهم إن قريشا قد أقبلت بفخرها وخيلائها لتجادل رسولك ) ، وقال ، جاءت من مكة أفلاذها وقد احتج بهذه الآية الشيخ عبد العزيز الدهلوي على أنه لا يجوز طوف البلد للعروس بركوب الخيل وغيرها كما اعتادها أهل الهند في عقود مناكحاتهم .
{ ويصدون عن سبيل الله } عطف على بطرا إن جعل مصدرا في موضع الحال وكذا إن جعل مفعولا له لكن على تأويل المصدر يعني صادين عن دين الله أو للصد عنه ، والصد إضلال الناس والحيلولة بينهم وبين طرق الهداية ، ويجوز أن يكون ويصدون معطوفا على يخرجون والمعنى يجمعون بين الخروج على تلك الصفة والصد ، ونكتة التعبير بالاسم أولا ثم الفعل أن البطر والرثاء كانا دأبهم بخلاف الصد فإنه تجدد لهم في زمن النبوة قاله الشهاب { والله بما يعملون محيط } لا يخفى عليه من أعمالهم خافية ، فهو مجازيهم عليها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.