الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِۚ وَٱللَّهُ بِمَا يَعۡمَلُونَ مُحِيطٞ} (47)

يعني أبا جهل وأصحابه الخارجين يوم بدر لنصرة العير . خرجوا بالقيان{[7744]} والمغنيات والمعازف ، فلما وردوا الجحفة بعث خفاف الكناني - وكان صديقا لأبي جهل - بهدايا إليه مع ابن له ، وقال : إن شئت أمددتك بالرجال ، وإن شئت أمددتك بنفسي مع من خف من قومي . فقال أبو جهل : إن كنا نقاتل الله كما يزعم محمد ، فوالله ما لنا بالله من طاقة . وإن كنا نقاتل الناس فوالله إن بنا على الناس لقوة ، والله لا نرجع عن قتال محمد حتى نرد بدرا فنشرب فيها الخمور ، وتعزف علينا القيان ، فإن بدرا موسم من مواسم العرب ، وسوق من أسواقهم ، حتى تسمع العرب بمخرجنا فتهابنا آخر الأبد . فوردوا بدرا ولكن{[7745]} جرى ما جرى من هلاكهم . والبطر في اللغة : التقوية بنعم الله عز وجل وما ألبسه من العافية على المعاصي . وهو مصدر في موضع الحال . أي خرجوا بطرين مرائين صادين . وصدهم إضلال الناس .


[7744]:القيان: جمع قينة، وهي الأمة مغنية كانت أو غير مغنية والمعازف: الملاهي.
[7745]:من ج و ك و ى.