{ لَّيْسَ عَلَى الضعفاء } كالشيوخ ومن فيه نحافة خلقية لا يقوى على الخروج معها وهو جمع ضعيف ويقال : ضعوف وضعفان وجاء في الجمع ضعاف وضعفة وضعفي وضعافي { وَلاَ على المرضى } جمع مريض ويجمع أيضاً على مراض ومراضي وهو من عراه سقم واضطراب طبيعة سواء كان مما يزول بسرعة ككثير من الأمراض أولا كالزمانة وعدوا منه ما لا يزول كالعمى والعرج الخلقيين فالأعمى والأعرج داخلان في المرضى وان أبيت فلا يبعد دخولهما في الضعفاء ، ويدل لدخول الأعمى في أحد المتعاطفين ما أخرج ابن أبي حاتم . والدارقطني في الافراد عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت براءة فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه إذ جاءه أعمى فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى ؟ فنزلت { لَّيْسَ عَلَى الضعفاء وَلاَ على المرضى } .
{ وَلاَ عَلَى الذين لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ } أي الفقراء العاجزين عن أهبة السفر والجهاد قيل هم مزينة . وجهينة . وبنو عذرة { حَرَجٌ } أي ذنب في التخلف وأصله الضيق وقد تقدم الكلام فيه { إِذَا نَصَحُواْ لله وَرَسُوله } بالإيمان والطاعة ظاهراً وباطناً كما يفعل الموالي الناصح فالنصح مستعار لذلك ، وقد يراد بنصحهم المذكور بذل جهدهم لنفع الإسلام والمسلمين بأن يتعهدوا أمورهم وأهلهم وإيصال خبرهم إليهم ولا يكونوا كالمنافقين الذين يشيعون الأراجيف إذا تخلفوا ، وأصل النصح في اللغة الخلوص يقال : نصحته ونصحت له ، وفي النهاية النصيحة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له وليس يمكن أن يعبر عن هذا المعنى بكلمة واحدة يجمعه غيرها ، والعامل في الظرف على ما قال أبو البقاء معنى الكلام أي لا يخرجون حينئذ .
{ مَا عَلَى المحسنين مِن سَبِيلٍ } أي ما عليهم سبيل فالإحسان النصح لله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ؛ ووضع الظاهر موضع ضميرهم اعتناء بشأنهم ووصفاً لهم بهذا العنوان الجليل ، وزيدت { مِنْ } للتأكيد ، والجملة استئناف مقرر لمضمون ما سبق على أبلغ وجه وألطف سبك وهو من بليغ الكلام لأن معناه لا سبيل لعاتب عليهم أي لا يمر بهم العاتب ولا يجوز في أرضهم فما أبعد العتاب عنهم وهو جار مجرى المثل ، ويحتمل أن يكون تعليلاً لنفي الحرج عنهم و { المحسنين } على عمومه أي ليس عليهم حرج لأنه ما على جنس المحسنين سبيل وهم من جملتهم ، قال ابن الفرس : ويستدل بالآية على أن قاتل البهيمة الصائلة لا يضمنها { والله غَفُورٌ رَّحِيمٌ } تذييل مؤيد لمضمون ما ذكرو فيه إشارة إلى أن كل أحد عاجز محتاج للمغفرة والرحمة إذ الإنسان لا يخلو من تفريط ما فلا يقال : إنه نفى عنهم الإثم أولا فما الاحتياج إلى المغفرة المقتضية للذنب فإن أريد ما تقدم من ذنوبهم دخلوا بذلك الاعتبار في المسيء .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ لَّيْسَ عَلَى الضعفاء } أي الذين أضعفهم حمل المحبة { وَلاَ على المرضى } بداء الصبابة حتى ذابت أجسامهم بحرارة الفكر وشدائد الرياضة { وَلاَ عَلَى الذين لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ } وهم المتجردون من الأكوان { حَرَجٌ } اثم في التخلف عن الجهاد الأصغر
{ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ } [ التوبة : 91 ] بأن أرشدوا الخلق إلى الحق
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.