الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{لَّيۡسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلَا عَلَى ٱلۡمَرۡضَىٰ وَلَا عَلَى ٱلَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ لِلَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ مَا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِينَ مِن سَبِيلٖۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} (91)

أخرج ابن أبي حاتم والدارقطني في الافراد وابن مردويه عن زيد بن ثابت قال : كنت أكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم براءة ، فكنت أكتب ما أنزل الله عليه ، فإني لواضع القلم على أذني إذ أمرنا بالقتال ، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر ما ينزل عليه ، إذ جاء أعمى فقال : كيف بي يا رسول الله وأنا أعمى ؟ فنزلت { ليس على الضعفاء } الآية .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة في قوله { ليس على الضعفاء . . . } الآية . قال نزلت في عائذ بن عمرو وفي غيره .

وأخرج ابن أبي حاتم عن مجاهد قال : نزل من عند قوله { عفا الله عنك } [ التوبة : 43 ] إلى قوله { ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم } في المنافقين .

أما قوله تعالى : { إذا نصحوا لله ورسوله } .

أخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد والحكيم الترمذي في نوادر الأصول وابن أبي حاتم عن أبي ثمامة الصائدي قال : قال الحواريون : يا روح الله أخبرنا من الناصح لله ؟ قال : الذي يؤثر حق الله على حق الناس ، وإذا حدث له أمران أو بدا له أمر الدنيا وأمر الآخرة ، بدأ الذي للآخرة ثم تفرغ للذي للدنيا .

وأخرج مسلم وأبو داود والنسائي عن تميم الداري « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : الدين النصيحة . قالوا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم » .

وأخرج ابن عدي عن ابن عمر « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الدين النصيحة . قيل : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم » .

وأخرج البخاري ومسلم والترمذي عن جرير قال « بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، والنصح لكل مسلم » .

وأخرج أحمد والحكيم الترمذي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال « قال الله عز وجل : أحب ما تعبدني به عبدي إلى النصح لي » .

وأخرج أحمد في الزهد عن وهب بن منبه . أن راهباً قال لرجل : أوصيك بالنصح لله نصح الكلب لأهله ، فإنهم يجيعونه ويطردونه ويأبى إلا أن يحوطهم وينصحهم .

أخرج أبو الشيخ عن الضحاك في قوله { ما على المحسنين من سبيل } قال : ما على هؤلاء من سبيل بأنهم نصحوا لله ورسوله ولم يطيقوا الجهاد ، فعذرهم الله وجعل لهم من الأجر ما جعل للمجاهدين ، ألم تسمع أن الله يقول { لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر } [ النساء : 95 ] فجعل الله للذين عذر من الضعفاء ، وأولي الضرر ، والذين لا يجدون ما ينفقون ، من الأجر مثل ما جعل للمجاهدين .

وأخرج عبد الرزاق في المصنف وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري وأبو الشيخ وابن مردويه عن أنس « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قفل من غزو تبوك ، فأشرف على المدينة قال : لقد تركتم بالمدينة رجالاً ما سرتم في مسير ، ولا أنفقتم من نفقة ، ولا قطعتم وادياً ، إلا كانوا معكم فيه . قالوا : يا رسول الله وكيف يكونون معنا وهم بالمدينة ؟ قال : حبسهم العذر » .

وأخرج أحمد ومسلم وابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم « لقد خلفتم بالمدينة رجالاً ما قطعتم وادياً ، ولا سلكتم طريقاً ، إلا شركوكم في الأجر حبسهم المرض » .

وأخرج أبو الشيخ عن ابن عباس في قوله { ما على المحسنين من سبيل } والله لأهل الإساءة { غفور رحيم } .