وقوله تعالى : ( لَيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلا عَلَى الْمَرْضَى وَلا عَلَى الَّذِينَ لا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ ) لو لم يذكر المرضى ولا الذين لا يجدون ما ينفقون لكان المفهوم من قوله ( ليس على الضعفاء ) المريض والذي لا يجد ما ينفق . وكذلك إذا ذكر المريض كان في ذكره ما يفهم منه كل ضعيف وكل ما لا يجد ما ينفق ، وفي كل حرف من هذا الحروف ما يفهم منه معنى الآخر . فلما ذكر دل أن المراد من ذكر الضعفاء الزمنى من نحو الأعمى والأعرج ، فكان كقوله : ( ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج )[ النور : 61 ] فتكون الآيتان واحدة ؛ أعني معناهما واحد .
وفيه دلالة أن ليس في ذكر عدد من الأشياء في ذكر عدد من الأشياء خطر دخول غير المذكور إذا كان في معناه . ولهذا قال أصحابنا : إن ليس في ما ذكر رسول الله عددا[ في الأصل وم : عددا ] في الربا بقوله «والحنطة بالحنطة والذهب بالذهب والفضل ربا »[ بنحوه مسلم1587 ] على أنه لا لمعنى ورد ، ولا تدخل فيه ما لم يذكر لما ذكرنا أنه لو ذكر الضعفاء لذكر المريض والأعمى والأعرج وجميع من ضعف عن الخروج من أنواع الأعذار .
ثم لم يدل ما ذكر من العدد وتخصيصه على أنه لا لمعنى ذكر فعلى ذلك خبر الربا .
ثم جعل العمى والعرج والمرض وعد النفقة ونحوه عذرا في ترك الخروج ، ولم يجعل شده الحر وبعد المسافة ونحوه عذرا بقوله : ( وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرا )[ التوبة : 81 ] .
وأصله ، والله أعلم [ في وجهين :
أحدهما ][ ساقطة من الأصل وم ] : أن كل ما لم يعمل في المنع عن الخروج لشهوة أو لطمع ، يرجو نيله من التجارة ونحوها لم يكن ذلك عذرا في ترك الخروج ؛ إذ شدة الحر وبعد السفر وخوف العدو مما لا يمنعهم عن الخروج للتجارة ، فلم يصر ذلك عذرا لهم بالتخلف عن الخروج للجهاد . وأما حال المرض والزمانة وعدم النفقة يمنع ، ويعجزهم عن الخروج في كل ما يهوون ويشتهون ، صار ذلك عذرا لهم بالتخلف عن الخروج للجهاد .
والثاني : أن كل ما يقدر على دفعه بحال لم يجعل ذلك عذرا في التخلف ، وكل ما لا سبيل لهم إلى دفعه فهو عذر والحر وبعد السفر وخوف العدو يجوز أن يدفع ، فيصير كأن ليس [ عذرا ][ ساقطة من الأصل وم ] . وهو ما ذكر : ( قل نار جهنم أشد حرا )[ التوبة : 81 ] . فإذا ذكر شدة حر جهنم وبعد سفر الآخرة وأهواله هان عليه الخروج ، وسهل ، فارتفع ذلك فلذلك صار أحدهما عذرا ، والآخر لا ، والله أعلم .
وقوله تعالى : ( إذا نصحوا لله ورسوله ) قيل : لم يخدعوا أحدا في دينه ، ولم يغشوا في دنياه ، وقيل : ( إذا نصحوا لله ورسوله ) أي أطاعوا الله ورسوله في الحضرة ، ولم يتركوا طاعته .
وقوله تعالى : ( والله غفور رحيم ) بتركهم الخروج وتخلفهم عن الجهاد مع الأعذار .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.