التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{أَوَكُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (100)

قوله تعالى : { أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون واتبعوا ما تتلوا الشياطين على ملك سليمان وما كفر سليمان ولكن الشياطين كفروا يعلمون الناس السحر وما أنزل على الملكين ببابل وهاروت وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فيتعلمون منهما ما يفرقون به بين المرء وزوجه ، وما هم بضارين به من أحد إلا بإذن الله ويتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم ولقد علموا لمن اشتراه ما له في الآخرين من خلق ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون } .

ذلك بيان لنكث يهود المواثيق ونقضهم للعهود التي طالما ألزموا أنفسهم بها . والله سبحانه ينكر عليهم هذا الطبع الفاسد فيسأل في إنكار وتنديد { أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم } الهمزة للاستفهام بمعنى التوبيخ والواو للعطف . وكلما تفيد الشرط . فكأن هذا الخلق الذميم بات فيهم طبعا متمكنا وديدنا قد مردت عليه نفوسهم وأعصابهم فما عادوا يوفون بعهد أو ميثاق . فما يكون من ميثاق تعقده يهود إلا وينبذه فريق منهم . والنبذ الإلقاء والاطراح .

قوله : { بل أكثرهم لا يؤمنون } أكثر هؤلاء القوم مكذبون رسالة النبي ( صلى الله عليه وسلم ) من أن التوراة قد احتوت ذكر الرسول عليه الصلاة والسلام والأمر باتباعه ومؤازرته . يقول سبحانه في مثل ذلك : { الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل } .