إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{أَوَكُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (100)

{ أَوَ كُلَّمَا عاهدوا عَهْدًا } الهمزةُ للإنكار والواوُ للعطف على مقدرٍ يقتضيه المقامُ أي أكفَروا بها وهي في غاية الوضوحِ وكلما عاهدوا عهداً ومن جملة ذلك ما أشير إليه في قوله تعالى : { وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الذين كَفَرُواْ } [ البقرة ، الآية 89 ] من قولهم للمشركين : قد أظل زمانُ نبيَ يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلُكم معه قتلَ عادٍ وإرَمَ . وقرئ بسكون الواو على أن تقدير النظم الكريم ، وما يكفر بها إلا الذين فسقوا أو نقضوا عهودَهم مراراً كثيرة ، وقرئ عوُهِدوا وعهِدوا ، وقوله تعالى : عهداً إما مصدرٌ مؤكد لعاهَدوا من غير لفظِه أو مفعولٌ له على أنه بمعنى أعطَوُا العهدَ { نبَذَهُ فَرِيقٌ منْهُم } أي رمَوْا بالزِّمام ورفضوه ، وقرئ نَقَضَه وإسنادُ النبذِ إلى فريق منهم لأن منهم من لم ينبِذْه { بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ } أي بالتوراة وهذا دفعٌ لما يُتوَهَّم من أن النابذين هم الأقلون ، وأن من لم ينبِذْ جِهاراً فهم يؤمنون بها سراً .