فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَكُلَّمَا عَٰهَدُواْ عَهۡدٗا نَّبَذَهُۥ فَرِيقٞ مِّنۡهُمۚ بَلۡ أَكۡثَرُهُمۡ لَا يُؤۡمِنُونَ} (100)

والواو في قوله : { أَوْ كُلَّمَا } للعطف دخلت عليها همزة الاستفهام كما تدخل على الفاء ، ومن ذلك قوله تعالى : { أَفَحُكْمَ الجاهلية يَبْغُونَ } [ المائدة : 50 ] { أَفَأَنتَ تُسْمِعُ الصم } [ الزخرف : 40 ] { أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرّيَّتَهُ } [ الكهف : 50 ] وكما تدخل على ثم ، ومن ذلك قوله تعالى : { أَثُمَّ إِذَا مَا وَقَعَ } [ يونس : 51 ] وهذا قول سيبويه . وقال الأخفش : الواو زائدة . وقال الكسائي : إنها «أو » حركت الواو تسهيلاً . قال ابن عطية : وهذا كله متكلف ، والصحيح قول سيبويه ، والمعطوف عليه محذوف ، والتقدير : أكفروا بالآيات البينات ، وكلما عاهدوا . قوله : { نَبَذَ فَرِيقٌ } قال ابن جرير : أصل النبذ الطرح ، والإلقاء ، ومنه سمى اللقيط منبوذاً ، ومنه سمي النبيذ ، وهو التمر ، والزبيب إذا طرحا في الماء ، قال أبو الأسود :

نظرتَ إلى عنوانه فنبذته *** كنبذك نعلاً أخلقت من نعالكا

وقال آخر :

إن الَّذين أمَرْتَهم أن يَعْدِلُوا *** نبذوا كتابك واستحل المحرمَ

/خ103