التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{هُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (163)

وقوله ( هم درجات عند الله ) أي هم ذوو درجات ، أو على درجات أو لهم درجات عند الله . والمقصود أن من اتبع رضوان الله ليس كمن باء بسخط منه ، وهم مختلفو المنازل عند الله فمن اتبع رضوان الله الكرامة وحسن الجزاء ، ولمن باء بسخط منه المهانة والعذاب . فالمؤمن والكافر لا يستويان في الدرجة ، وكذلك المؤمنون أنفسهم يختلفون فيما بينهم من حيث الدرجات . فبعضهم أعلى درجة من بعض . وكذا الكافرون ، فبعضهم أحط درجة من بعض . والدرجة تعني المرتبة والطبقة . والجمع : الدرجات .

والأصل في هذا التأويل أن الضمير ( هم ) عائد إلى الكل وهو المتبعون رضوان الله والذين باؤوا بسخط منه . فدرجات أهل الثواب متفاوتة . ودرجات أهل العقاب متفاوتة أيضا تبعا لتفاوت أعمال الناس .

وقيل : الضمير ( هم ) عائد إلى قوله : ( أفمن ابتع رضوان الله ) فيكون تقدير الكلام : أفمن اتبع رضوان الله سواء ؟ إنهم ليسوا سواء ، بل هم درجات عند الله على حسب أعمالهم فهي متفاوتة . واحتجوا لذلك بأن الغالب في العرف استعمال الدرجات في أهل الثواب ، واستعمال الدركات في أهل العقاب{[632]} .

قوله : ( والله بصير بما يعملون ) أي لا يخفى على الله شيء مما يعمله المتبعون لرضوان الله أو المستوجبون لسخطه . لا جرم أن الله عليم بما يصدر عن الفريقين من قول أو عمل .


[632]:- مختار الصحاح ص 202، 203 وتفسير الرازي جـ 9 ص 77، 78 وتفسير القرطبي جـ 4 ص 263.