الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{هُمۡ دَرَجَٰتٌ عِندَ ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ بَصِيرُۢ بِمَا يَعۡمَلُونَ} (163)

ثم قال تعالى : " هم درجات عند الله " أي ليس من اتبع رضوان الله كمن باء بسخط منه . قيل : " هم درجات " متفاوتة ، أي هم مختلفو المنازل عند الله ، فلمن اتبع رضوانه الكرامة والثواب العظيم ، ولمن باء بسخط منه المهانة والعذاب الأليم . ومعنى " هم درجات " - أي ذوو درجات . أو على درجات ، أو في درجات ، أو لهم درجات . وأهل النار أيضا ذوو درجات ، كما قال : ( وجدته في غمرات من النار فأخرجته إلى ضحضاح ){[3660]} . فالمؤمن والكافر لا يستويان في الدرجة ، ثم المؤمنون يختلفون أيضا ، فبعضهم أرفع درجة من بعض ، وكذلك الكفار . والدرجة الرتبة ، ومن الدرج ؛ لأنه يطوى رتبة بعد رتبة . والأشهر في منازل جهنم دركات ، كما قال : " إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار " {[3661]} [ النساء : 145 ] فلمن لم يغل درجات في الجنة ، ولمن غل دركات في النار . قال أبو عبيدة : جهنم أدراك ، أي : منازل ، يقال لكل منزل منها : درك ودرك . والدرك إلى أسفل ، والدرج إلى أعلى .


[3660]:- الضحضاح: ما رق من الماء على وجه الأرض ولا يبلغ الكعبين، فاستعاره للنار.
[3661]:- راجع جـ5 ص 424.